يدرك الغرب أن الحكومات العلمانية أفضل للدول العربية من الحكم الديني لأنها تخلق لديها نزعة للتطور والرقي وإن حكمت من قبل حكام دكتاتورين في حين لو حكمت من الإسلام السياسي لسارت في متاهات معقدة قد تصل بالبلد للهاوية , والسبب أن الإسلام السياسي سواء كان شيعيا أو سنيا يعتمد فكرة تكفير الآخر وبما أن الدول العربية تعيش حالة إختلاط ديني ومذهبي فان التوتر سيرتفع لصالح كفة الحاكم حزبا أو شخصا , وهذا ما يجعل الطرف الآخر يفكر بالحفاظ على موطأ قدمه حتى لو إلتجأ لعدو الأمس , لأن الحاكم سرعان ما يطبق عليه بمختلف الوسائل تنكيلا وإعتقالا
وتشريدا وصورة الحكم في العراق بعد 2003 بعد إستلامه من قبل الطيف الشيعي وقليل من مرتزقة السنة واضحة كيف أن الصراع بدء دينيا (مع المسيحين الديانات الأخرى ) حتى إذا حقق أهدافه إرتفع طائفيا ( بين السنة والشيعة) ولأن للحكم مزايا وفيه مصالح تحول الصراع بين الطائفة الواحدة (الأحزاب الشيعية ) على المناصب وسادت لغة المصالح لدرجة أنهم إبتعدوا عن الدين حد الكفر . وهذا ما جرَّ العراق إلى دوامة دم أخذت من الشعب بين شهيد ومهجر ومهاجر ومعتقل ما لا يقل عن خمسة مليون مواطن , وهي في طريقها للزيادة من خلال ولادة حركات متطرفة تجعل من الإسلام واجهة
للصراع .
وفي أي بلد تتحارب فيه الأديان والطوائف يتمزق إجتماعيا وليس من رابح غير الغرب بإعتبار أن هذه الدول أصبحت مفككة ومشغولة بمشاكلها وكلما إنحدرت للحضيض إستنجدت به كي يدفع عنها الاذى. والغرب لم يرسم هذه الصورة تحليلا بل هي صورته يوم كانت الكنيسة تتحكم بالدولة , وكيف دمرت البدان وإحتوت المجتمع بظلامية متخلفة , إذن هو يريد ذلك لهذه الدول وأمامه على صعيد الواقع صورة إيران مثلما هي واضحة في السعودية .
والغرب إلى وقت قريب لم يكن يخشى الإسلام السياسي لأنه يتحكم بمفاصلة بل هو صناعته إبتدا من محمد بن عبد الوهاب والقاعدة وحتى داعش وحركة الإخوان المسلمين قديما وحديثا , فقد عملت الولايات المتحدة الكثير لصعود الإخوان لحكم مصر مضحية بأكبر زعيم سياسي خدمها بالتقارب الإسرائيلي العربي وبحرب الخليج وكللَّ خدماته بالعدوان على العراق مما سبب إحتلال أعرق بلد وأهم بلد عربي كان يمسك مفاتيح الأمة العربية . وتركته وعملت ما بوسعها لصعود الإخوان المسلمين , بعد أن ساهمت بخلق الفوضى الخلاقة , ويومها تناقلت الأخبار أنها دعمت ترشيح محمد مرسي
ماديا ومعنويا . تقول وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هلاري كلنتون بكتابها خيارات صعبة : كنت قد زرت 112 دولة في العالم وتم الإتفاق مع بعض الأصدقاء بالإعتراف بالدولة الإسلامية حال إعلانها , وفجاة تحطم كل شيء , كل شيء كسر أمام أعيننا دون سابق إنذار , شيء مهول حدث . وإذا صح هذا الكلام أو لم يصح فإنه جزء من منظومة الغرب الداعية لدول ضعيفة مفككة , وما إحتلالها للعراق وتقديمه هدية لإيران بعد إسقاطها نظام علماني إلا جزء من هذا المشروع فقد كانت تتحدث عن أربعة دول في العراق ومثلها في سوريا وليبيا وكذلك شأن الدول العربية الأخرى , غير مبالية
بما تسببه لدول الخليج الحليف الذي لا تخشى منه نأمة إظفر لأنها تعتقد أن هذه الدويلات المصطنعة سوف تقاتل بعضها بعضا وفي كل الحالات تنسق معها من تحت الطاولة أو من فوقها .
لقد شكلت ثورة 22 يناير في مصر مسارا ومنعطفا للأمة العربية والإسلامية ولولاها لأصبح الوطن العربي “عش الدبابير” كما خطط له إسرائليا وبدعم أمريكي وأوربي من أجل خلق كيان عدواني للدول العربية بمسمى إسلامي , وهل هناك أفضل من داعش لهذا المسار ؟!.