22 ديسمبر، 2024 8:49 ص

الإسلاموفوبيا أو إشكالية الخْوف من الإسلام

الإسلاموفوبيا أو إشكالية الخْوف من الإسلام

تعد المناقشات العنيفة والمخاوف من الإسلام السياسي سمة دائمة في صناعة السياسة الخارجية الأمريكية على مدار الأعوام الستين الماضية, ولا تختلف عنها في السياسة الغربية الأوروبية المتوافقة إلى حد ما مع السياسة الأمريكية المشتركة بالحملات العسكرية من حيث المنهج والتطبيق والأهداف, أو تلك التي ترتبط بالولايات المتحدة برّباط مقدس متمثل بـ”التحالف الاستعماري” للعالم.
   وأنْ الحديث عن فوبيا الإسلام أو إشكالية الخوف من الإسلام عند الغربيين هو أكبر دليل على إنْ الإسلام يحيا من جديد, ينبعث بقوة العصر الفائقة, وإن الإسلام يتقدم, وإن الإسلام أصبح قضية “رأي عام” لا يمكن حتى لغير المسلم أن يتجاهلها, برغم التهويل الإعلامي والتضليل المونتاجي “التوليفي” المُضلل, والمفبرك, إلا إنْ الإسلام بات يُهدد قلب أوروبا, القارة العجوزة, نحن لا ندافع عن الإسلام, كغزو أو ردة فعل على الاستعمار متمثلة بجماعات راديكالية عنفوية همها السلطة وليس الدين, كما يصور الغرب ذلك لخداع مواطنيه, مطلقاً, وإنما نتحدث عن قيم حضارية ومشروع انساني قبل أنْ يكون ديمقراطي وحضاري ألا وهو مشروع الإسلام الإنساني والتنموي الذي تناول كل جوانب الحياة, والذي يدعو للتعددية الدينية والسياسية, وحرية الرأي واحترام الاخر, دون تفضيل لأبيض على أسود, وإشاعة روح التسامح والتآخي, والعفو, وتلك أسمى قيم الإسلام التي ربما لا يعلمها الغرب, أو إنه أُجبر تحت وطئه الأكاذيب الملفقة على الإسلام أنْ يَفهم الإسلام عكس ذلك, بصورة مغايرة لواقعه, مخطوطة في غرف الدائر الأمنية, فالإسلام من السلام والتوعية والتسليم لأراده الخالق الذي هو رب البشرية كلها دون منازع, وهذه القيم السامية للإسلام دفعت أوروبا للتسليم بها, وهي كل يوم تصحى على اعتناق العشرات من الأوربيين ودخولهم ربيع الإسلام في عُمق العواصم الأوربية وأكبرها (لندن, باريس, برلين, امستردام), بعد خريف الصهيونية الاستعمارية التخريبية, وهو ما بعث الخوف على أوروبا من تلك الأيديولوجيا الخضراء.
  وإن الحديث عن خطر أخضر, جماعات متشددة, إسلام سياسي, إرهاب اسلامي, طائفية هو حديث وسائل إعلام تشوه صورة الإسلام وربطة بالإرهاب والعنف لتبرير تحشيد الراي العالمي على إنكار الإسلام وتحديد نشاطه, فالفوبيا ليس لها أصل, فالإسلام لا يُكره أحد على ترك دينه, لكن الإسلاميين يفعلون ذلك, _ وهم الفئة المغُرر بهم, بوعي أو بلا وعي, لأن الإسلاميين اليوم يقعون ضحية فخ المخابرات الغربية, وضحية الدّس الذي ما زالوا يجهلون استيعاب صدمته وحقيقته _, وشتان ما بين الإسلام والإسلاميين, إنه كالفرق ما بين الحق وادعاء الحق دون لمس شيئاً من ذلك الحق المُدعى!
  كما إن الغرب يرى في الإسلام إنهُ ما زال يسعى لخوض معركة حسمت في القرن الماضي, وإنْ الإسلاميين يسعون للعودة إلى نظام العصر الوسيط الذي شهد صراع الديانات مستخدمين خطاباً سياسياً بائداً أقترن بنظاماً بائداً,و هي كلها احادديث لا تخرج عن دائرة التوقعات والفرضيات التي تُعاب في المنهجية المعرفية, يصعب اثباتها, لكن قد يسهل تصديقها!
   لكن لا أحد ينسى إن بالوقت الذي أججت وسائل الإعلام الأمريكية حصراً ذات التمويل الصهيوني اليهودي الرأي العام ضد العرب والمسلمين, بقدر ما دفع الحديث عن الإسلام بعد احداث غزوة مانهاتن وما تلاها إلى دخول العشرات بل المئات إلى الإسلام واعتناقه من الغربيين, لأن الإعلام الغربي المشوهة دفع الغربيين يبحثون عن الإسلام ويدرسونه وعندما رأوا حقيقته الصافية وادركوا قيمه اعتنقوه, إنها كردة الفعل على الفعل نفسه, وهو فعل من نوع إنقلاب السحر على الساحر, الذي أثارت حفيظة الدوائر الغربية, وما حدث من وقعه (شارلي ابيدوا) يندرج ضمن المخططات الغربية التي تُريد أن تحشد الرأي العام الغربي ضد العرب والمسلمين وتبرير تقويض دورهم في أوربا أو خارجها.
 أذن فإشكالية الخوف من الإسلام هي جزء من التكوين الثقافي الغربي وناتج عن الصراع الموغل في القدم بين الإسلام والغرب, وعن ذكريات الحروب الصليبية وتهديدات المسلمين للحدود الجنوبية والشرقية لأوروبا وتحويل إسبانيا وجنوب ايطاليا إلى حواضر إسلامية وسقوط الأندلس, وهي لا قيمة لها لولا “المونتاج” الصهيوني لتلك الوقائع التاريخية التي عفى عنها الزمن وأكل وشرب, فنظرية المؤامرة هي اللولب الذي يُحرك أكذوبة “الخوف من الإسلام” بالتهليل والتهويل والتضليل, لأن في حقيقة الأمر ليس هناك ما يؤكد نظرية الدوائر الغربية, بمعنى إن ضحايا العنف والإرهاب هم أغلبهم عرب ومسلمين, ثم إن كل العمليات الارهابية المنسوبة للعرب والمسلمين على مر التاريخ لا تشكل نسبة 25% من الإرهاب والقتل والهولوكوست الذي قامت به الحروب الدينية الصليبية, مع ذلك لا أحد يجرئ أن يتهم الغرب بالإرهاب, مئات الأبرياء يسقطون في بغداد ولبنان وسوريا يومياً بسبب التدخل الغربي الأورو _ امريكي وبسبب دواعي نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان ولا أحد يتحدث عن إشكالية الخوف من الغرب, ما نؤكد عليه هو إن إشكاليّة الخوف من الإسلام مُبالغ بها, ومخطط وأمر دُبر في ليل, لأنها قضية تم إنتاج سيناريوها في مدينة هوليوود لإنتاج الأفلام البوليسية!!