23 ديسمبر، 2024 12:38 ص

الإستعمار بالديمقراطية!!

الإستعمار بالديمقراطية!!

الإستعمار فاعل في واقع دولنا منذ تأسيسها , وتتبدل أساليبه بين مرحلة وأخرى , ويتنقل بين أنظمة حكم ملكية أو أميرية وأخرى جمهورية وإستبدادية , وأخيرا دينية وديمقراطية.
وعندما نتساءل كيف يكون الإستعمار بالديمقراطية , فالجواب واضح وبسيط , إتخاذ المذهبية والطائفية كمنهج للديمقراطية , فيتحوّل الناس في أي وطن , إلى مجاميع تتبع لشخص ما وتقلده , فيكون عددهم مختصرا بأعداد الذين يتبعون , ويُدفعون للتصويت وفقا لتعاليم مَن يقلدون , فأصواتهم مجتمعة تمثل صوته.
ففي الزمن الجمهوري كان الشعب مرهونا بفرد واحد , وفي عصر الإستعمار بالديمقراطية صار الشعب مرهونا ببضعة أشخاص , تُضفى عليهم التوصيفات اللازمة لتحقيق التأثير المطلوب بأمعتِهم , من (الأمعة):(التابعون الخانعون المعطلون لعقولهم والناكرون لمصالح أوطانهم , ويتعبّدون في محراب سيدهم الذي يحسبهم أرقاما في قطيع).
وهذا ما يجري في واقع بعض مجتمعات الأمة , التي وفدت إليها الديمقراطية معلبة وفقا لمعطيات الحريصين على مصالحهم , وإشغال أبناء الوطن الواحد ببعضهم , ليخلو الجو للنهب المريح لثروات البلاد والعباد , وهم في غفلتهم وأوهامهم يعمهون , وعلى إخوانهم يتأسدون , وعدوهم الحقيقي ينهشهم أجمعين.
وهكذا تجد الإنتخابات تتسبب بأزمات , وتدفع إلى تظاهرات مسيَّرة من قبل المتبوعين , الطامحين للقبض على الملايين من المال والبشر , ولا يعنيهم وطن ولا شعب , فهمهم الإثراء والحصول على أكبر الغنائم , وبموجب فتاوى يصدرونها وفقا لأهوائهم وأجيج شهواتهم , والتُبَّع القبَّع يحسبونها مقدسة وواجبة التنفيذ.
وتمضي مسيرة المآسي والويلات والتداعيات في مجتمعات مرهونة بأشخاص مُستعبَدين , وتابعين لأسيادهم الذين يمدونهم بما يعينهم على البقاء كالبالونات في كراسي التسلط على الشعوب , لإنجاز أهدافهم وبرامجهم ومشاريعهم , فيفوزون بصيد ثمين.
فالأحداث الجارية في بعض الدول تؤكد أن الديمقراطية القائمة نهج إستعماري معقد , توهم الضحايا وتستلب وجودهم , وتدفعهم إلى ميادين سقر.
فهل وجدتم ديمقراطية وفدت ونفعت وطنا وأعزّت شعبا , وأطلقت الطاقات , وشيّدت العمران , أم أنها ألاعيب نهب وسلب ومصادرة لحقوق الإنسان , والإصرار على الدمار والخراب والحرمان من أبسط الحاجات , وإن لم تصدقوا إسألوا بلادا ذات رافدين!!