23 ديسمبر، 2024 7:06 ص

العالم على مدى القرن العشرين منقسم بين دول مستعمَرة ومستعمِرة , وفي الربع الأول منه كان الإستعمار مباشرا , وقد أيقظت ثورة العشرين في العراق الدول المستعمِرة وفي مقدمتها بريطانيا العطمى , وكشفت لها عن التكاليف الباهضة لذلك الأسلوب الإستعماري.
وفي حينها دعى رئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرتسل)(1874 – 1965) قادة المستعمرات إلى إجتماع في القاهرة (12\3\1921) , لمناقشة الآليات الإستعمارية وتمخض الإجتماع عن تبلور فكرة الإستعمار بالنيابة أو الغير المباشر.
والذي يعني أن الدول المستعمِرة تشكل حكومات من أبناء البلد المُستهدف تؤدي مهام الدولة المستعمِرة أو المالكة الحقيقية له.
فأقيمت الحكومات التي ترعى المصالح للقوى الطامعة في البلاد والعباد , ومضت تقضم دول المنطقة على مدى القرن العشرين , وهي تتأرجح بين كونها مستعمرة مباشرة أو غير مباشرة.
ولهذا فمعظم الدول الثرية يعاني أبناؤها من الفقر والقهر والحرمان من أبسط الحاجات , لأن الإستعمار بأنواعه يعني الإفتراس أو الإستنزاف الإقتصادي المطلق لذلك البلد.
ويمكن القول أن أي بلد ثري وأبناؤه في فقر وعناء , هو بلد مستعمَر من قبل الحكومات المنصبة للقيام بدور المستعمِر.
وهكذا فان القول بالسيادة والحكومات الوطنية في الدول المستعمَرة ضرب من مطاردة السراب؟
ولهذا أيضا أية تظاهرة أو هبة جماهيرية تطالب بالحقوق الوطنية والإنسانية ستواجَه بالحديد والنار , من قبل تلك الحكومات المناهضة للحياة الوطنية , والمسانَدة من قبل القوى الطامعة في البلاد.
ولا يجوز الحديث عن قيم ومبادئ جامعة , بل لا بد للطائفية والمذهبية والفئوية والتكتلية , وغيرها من أدوات الشقاق والإفتراق أن تكون فاعلة.
ولا بد للدين أن يقوم بتمزيق المجتمع وتشريع الفساد , وما يتصل بالرذائل من سلوكيات تساهم بإلهاء الشعب وإنهاكه , ودفعه بعيدا عن الثروات التي عليه أن يتنعم بها.
وبهذا يكون النهب والدمار حراً , وكل قوة تنال حصتها من الثروات , وبنوك الدنيا أفواهها فاغرة تلتهم الملايين الوافدة إليها بواسطة النهّابين الأقوياء!!