إستدرج: خدعه حتى أطاعه , حمله أن يفعل ما يريده بالإغراء أو الحيلة , أخذه قليلا قليلا ولم يباغته.

الإستدراجية سلوك معقد ويستخدم أحدث النظريات النفسية والقوانين السلوكية , للإيقاع بالهدف وتحويل عناصره إلى قوى فاعلة لتدميره.

وهو تفاعل قائم في دول الأمة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى , وتسبب بإنهيارات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وعسكرية وقيمية وعلى جميع المحاور والمستويات.

وبموجبه فقد الإنسان قيمته وصودرت حقوقه وتحول إلى رقم قابل للطرح والقسمة على بعضه.

فلو تأملنا اي حالة حصلت في ديار الأمة , لتبين أنها إتخذت منحى متدرج معزز بآليات التغفيل والترغيب والترهيب , والإمعان بتأسين الأيام , ورمي الأجيال في أوحالها العاطفية الإنفعالية التي تعمي البصائر , وتنوّم الناس وتأخذهم إلى سوء المصير.

ولا تختلف أحداث اليوم عما سبقها من تورطات وإنهيارات إقتدارية , وتبديد للثروات والطاقات البشرية , فالطبخة على نار هادئة , والقائمين بها عندهم صبر طويل , ويضعون خططا بعمر عشرات السنين , لكنها تمضي على قدم وساق وبتمويهية عالية , وإلهائية فائقة , لدفع مفردات الهدف بعيدا عن السهام الموجهة نحوها.

فكم طعنت دول الأمة بذات المدية , وما إرعوت وإستوعبت الدرس وإستخلصت من الأحداث ما يقيها من شرور أعدائها والطامعين بإفتراسها.

واليوم معظم دول الأمة تتدحرج على سلالم الإستدراج , وتتلقى الركلات من حيث لا تحتسب , وهي تمضي نحو الهاوية في غياهب البؤس والحرمان من حقوق أبنائها أجمعين.

أموالها تبدد لشراء أسلحة فاقدة الصلاحية , وإستثماراتها في ديار الطامعين بها , وأنظمة حكمها تسير وفقا لمناهج أسيادها , وتحافظ على مصالحهم , ولا يعنيها مصالح البلاد والعباد , فلا توجد في التأريخ والدنيا المعاصرة حكومات لا تهتم بهموم شعوبها مثل حكومات دول أمتنا , التي يتمتع أعضؤها بالثراء الفاحش على حساب الإستحواذ على حقوق المواطنين المقهورين بكل أنواع الملهيات والتصارعات البينية الغاشمة , التي تؤججها إرادات المصالح وأعوانها المتسلطون على الشعب.

تبارت في مرابعها الوحوش

تؤازرها وتحميها العروش

يموت الناس بالحرمان دوما

وأقوامٌ إذا ملكت تحوش

تدرجت النوايا والخطايا

لتأكلهم وقلتهم تروشُ

أحدث المقالات

أحدث المقالات