ألإستخلاف والإستبدال؛ أهمّ مفهومان قرآنيان يُحدّد من خلالهما الله تعالى مصير الأمم .. و (الإستخلاف) من أهمّ السنن الكونيّة في الخلق، حيث قال تعالى (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، وهذا (الخليفة) تدور حوله الدّوائر وآلسّنن بدءاً بخلق الخلق وآلكون وإنتهاءاً بإنتهائهما .. إنْ كان بعدهما العدم.
كذلك سُنّة الاستبدال الكونيّة التاريخية من السُّنن الإلهية الحتميّة التي تجري على الأمم والأفراد مع الزمكاني في حال تجرّدهم عن القيم. الله عز وجل يستخلف قوماً آخرين عندما ينحرف الحاكمون والشعب عن الهدف الالهي المرسوم؛ وهو نشر العدل والاصلاح في الارض ورفع الظلم من بين الناس, حيث قال تعالى:
(و إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم – ثمّ لا يكونوا أمثالكم) وقال عزّ اسمه : (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، علماً انّ عملية الاستبدال قد جرت بالفعل في زماننا هذا .. حين إستبدل تعالى ألعرب بالعجم بعد إنتصار الاسلام في إيران وتأسيس الدولة الأقوى لحمل الرسالة الكونية للعالم بعد تخليّ العرب عنه. هنالك ثلاثة اسباب لإنحراف الامم وإنحطاطها والذي يسبّب عملية الاستبدال وآلمسخ وهي:
1. – فقدان الآيدلوجية والاخلاق في الحاكم والمحكوم.
2. – فقدان القيادة الرّبّانية لاقامة الحقّ والعدل بين الناس.
3. – فقدان النّخبة المثقفة المسلحة بالفكر الكونيّ بإشراف الفيلسوف الكوني الذي يعتبر جسراً بين القيادة الرّبانيّة من جهة والناس من الجّهة الاخرى عن طريق النّخبة المثقّفة للأصلاح وآلتّقويم وآلهداية لتحقيق الخلافة الالهية. و لا يتحقّق هذا ما لم تتّحد وتتكامل ألمحاور الثلاثة اعلاه، بإتجاه عملية ألأصلاح و بناء الذّات لتحقيق ألحضرمدنيّة من أجل السعادة والخلود في هذا الوجود, و إن فقدان واحدة منها تُسّبب المآسي و الفوضى و تسلط الظالمين .. فكيف الحال لو فقدت الأمة جميعها و كما هو الحاصل في بلادنا!