22 ديسمبر، 2024 2:05 م

الإرهاب ما بين الممارسة وإشكالية الخطاب الديني المعاصر

الإرهاب ما بين الممارسة وإشكالية الخطاب الديني المعاصر

للطبيعة قوانين تعجز عقول البشر عن إدراكها وأخرى لا يمكن فهم دوافعها وبعض القوانين لا يحترمها البشر، أمّا كيف تغضب الطبيعة على تجاوز نواميسها فالزلازل والأعاصير والحرب تترجم ذلك الغضب. لسنا في معرض البحث عن سبب دوامة الغضب لمشاهد الدمار الذي حلّ بمنطقة الشرق الأوسط لأن الأسباب تترابط تاريخيا الى مستوى من العمق تعجز الرؤيا بدقة التحليل عن إدراكها. الشعوب لا تطالب بالمستحيل وليس لأحد حق في مصادرة إرادتها. لكنها السياسة، تلك الممارسة التي لا تنفك عن التلاعب في مقدرات الأمم ولا تنفكّ عن التحايل وخلق جميع المشاكل؟ ربما لأن نزعة الاستبداد غريزة في البشر، وأن الصراع مكتوب على البشريّة بمنطق جدل الحياة والديمومة، أمّا التاريخ فليس له شأن أكثر من تدوين الوقائع ليترك لنا بصمات آثار العظماء خصوصا الملوك منهم.

تتوالى المصائب على الأمة العربية ومن أكبر هذه المصائب هو تيار الإسلام السياسي الملتحف بالدين وبعباءة الجهاد. فكل شيء يحدث الآن أمام العين، لكن الأبصار تعمى عن ذلك، هذه هي جرائم الإسلام السياسي ومن لا يعلم خفاياها يسبح في برك الأوهام. مما لا شك فيه أن كل الإرهاب والجرائم والرذائل من هؤلاء الخونة العملاء أحفاد حسن البنا وسيد قطب في الإسلام السياسي السُني، وأحفاد الخميني وأتباع خامنئي في الإسلام السياسي الشيعي. وبالتالي فهم جميعا أحفاد الماسونية عملاء الصهيونية. تلك الأدوار المُخزية التي نفذوا خلالها مسلسلات من السياسات المرسومة تفاصيلها بدقة، وكانت وقائعها والنتائج المطلوبة منها ضمن استراتيجية بعيدة المدى لا تزال المنطقة تشهد كوارث ما ترتب عنها، إن الحقيقة التي تشهر نفسها كالبدر في تمامه هي أكذوبة كل حركات وتيارات الإسلام السياسي ابتداء من جماعة الإخوان المسلمين وباقي الأحزاب والجماعات الإرهابية الأخرى، فهم خير من اعتنق الميكافيللية في سلوكهم السياسي الغير أخلاقي بغرض تحقيق أهدافهم وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، بل ذهبوا إلى أبعد من هذا عندما اعتبروا الأخلاق منقصة في السياسة، وهذه نصائح مكيافيللي التي سجلها في كتابه (الأمير).

ومع جميع ألوان الزخرفة والرتوشات يتجلى الإسلام السياسي في أهمها وأخطرها هما جماعة الإخوان المسلمين وحزب الدعوة الإسلامي في العراق، نعم فالجماعة تتبع سلطانهم العثماني الذي يستظل بفيء علمانية أتاتورك، أما حزب الدعوة هو يتبع إمامهم الكهنوتي الصفوي (ولاية الفقيه). أما باقي الفروع والأحزاب التي تتبع لهم لا يمثلون سوى شراذم وتوابع في جميع عناوينها الحزبية والحركية سواء كانت متشيعة أومُتسننة.

إذن فكل ممارسات العنف الإرهابي التي يشهدها عالمنا العربي والإسلامي لا تخرج عن الإسلام الراديكالي، وبالتالي أصبحنا كشعوب كبش فداء لإيديولوجيات الخيانة التي تسعى إلى تدمير أو إنتاج أشكالا مدمرة من النظام الاجتماعي في الوطن العربي.

الخطاب الديني المعاصر:

بالنسبة للخطاب الديني فهو أمر حساس، وليس من شك فإن ثمة علاقة شائكة بين الإرهاب والثقافة والدين. وفي ربط هذه العلاقة ببعض القضايا الأساسية وهي أزمة الفكر، بيد أن أزمة الفكر في وقتنا الراهن هي من أسباب أزمة الفقيه أو الباحث أو ما يُطلق عليه رجل الدين. وأزمة الفكر تتجسد أيضا في قضية الفتاوى التي باتت مهنة اشتغل فيها كل من هب ودب وغيرها.

وتأسيسا لما تقدم، فمن دون شك نحن بحاجة إلى اصحاب الفكر والعلم الصحيح الذين يجب أن يجاهدوا في مسألة فك الارتباط ما بين الإرهاب والإسلام، بعد أن أستُغل أسم الله والدين من قبل الجماعات الإرهابية. وبالتالي فإن المواقف المتطرفة وما تقود إليه من مظاهر استخدام وسائل العنف المادية (الإرهاب) يدل على وجود خلل فكري ومفاهيمي في منظومة القيم والمعتقدات الدينية لتيار الإسلام السياسي.

الجدير بالذكر أن الخطاب الديني المعاصر يجب أن يتصدى لفقهاء وشيوخ الجماعات والتنظيمات والفصائل المتطرفة، الذين يسعون في كل توجهاتهم إلى العنف الفكري والعنف المسلح، وكذلك في التشكيك بعلماء الإسلام، على أنهم علماء سلطة وإلصاق التهم بهم، بالإضافة إلى التعدي على أشخاصهم ومكانتهم.

وتجدر الإشارة إلى أن قائدنا العظيم الرسول محمد (ص) قد حذرنا من هؤلاء الحثالة التي تلبس ثياب التدين ووصفهم بالتشدد والجلافة وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة. وبعد أحداث ثورات الربيع العربي برزت على ساحتنا العربية جماعات الإسلام السياسي أو الأصح (معاول الهدم والتدمير) ومصادرة الإرادة الشعبية بعناوينها الدينيّة وممارساتها الإرهابية لتملأ فراغ زوال الطغيان وتجلب علينا كل أعداء الإسلام تحت شعار مكافحة الإرهاب.