23 ديسمبر، 2024 4:28 ص

الإرهاب في العراق أسئلة تبحث عن الاجابة؟

الإرهاب في العراق أسئلة تبحث عن الاجابة؟

ليس من السهل أن تقتحم تلك الكلمة البغيضة “الإرهاب” الحياة اليومية للمجتمعات المطمئنة. لكن الدولة الحقيقية والنخب الجادة والمجتمعات الحية هي التي لا تدير ظهرها للتحديات؛ لقد أصبح الإرهاب ومنذ وقت تحديا مزمنا للعالم، ولكن التحدي الحقيقي والمضاعف يكمن في تلك التحليلات البائسة التي استمعنا لها وقرأناها والتي تحاول إيجاد مبررات بل ومسوغات للأعمال الإرهابية، حين تبحث عن شرعية ما لهذا الإرهاب على مستوى أهدافه ودوافعه ووسائله أحيانا، بل ـ ويا للعجب ـ تأمل من الإرهاب الذي هو باطل قائم على باطل أن يفيد الأمة في قضاياها الكبرى؛ فالله المستعان. فهذا الخطر الجنوني هو نمط بل غريزة من الهدم والتدمير خارج عن الدين الذي هو دعوة للحياة بكل تفاصيله، وخارج على التنظيم البشري في أرقي مستوياته “الدولة” والتي هي الكيان الذي تواضعت كل العقول البشرية السليمة على أهمية وضرورة احتكاره للقوة المشروعة، أما الجماعات فلا سبيل لها على حمل السلاح إلا في حالات يجب أن تحددها و تزكيها الشرائع السماوية والقوانين الدولية. إننا مطالبون بأن ننزع كل الأغطية والتغطية عن هذا الفكر المريض والسلوك المنحرف والذي تدفع إليه أنفسا مملوءة بالجهل والضعف. هذه هي المهمة الأولى والحاسمة أمام الكل الثقافي والفكري الملتزم بحقيقة الدين وبأنوار العصر.
أما المهمة الثانية، فهي مهمة “التضامن” في وجه الإرهاب، وهو تضامن حضاري وإنساني يمثل قيمة إستراتيجية للبشرية لإنقاذها من القتل الخارج عن الشرائع والقوانين. وعلى مستوانا المحلي هو تضامن بين الدولة والمجتمع وبين كل أطياف المجتمع لرفض هذه الظاهرة وجعلها من أمهات الكبائر يحرمها الشرع والقانون وتمجها الفطر السليمة ويتعاظمها النكير الاجتماعي ؛فرغم الأهمية الخاصة لتدافع الآراء واختلافها بين القوى الحزبية والمجتمعية ـ بل ودعوتنا وتقديرنا لأهمية الاختلاف في النظر ـ وما يوحي به من ديناميكية في حياتنا السياسية . إلا أننا نثمن وندعو للعمل على بناء إجماع وطني نابذ للإرهاب ومساند لكل مجهودات القضاء عليه . ونقترح وندعو هنا النخب السياسية ومستقلين، وكل النخب الثقافية والعلمية والدعوية والإعلامية والمدنية القيام بمظاهرة مليونية رمزية تحت عنوان “جميعا ضد الإرهاب المجنون” وستكون خطوة رمزية تعكس مدى التصميم على رفض ومكافحة جنون الإرهاب، وحبذا لو تقدم هذه المظاهرة رئيس الوزراء وقادة منسقية التظاهرات وقادة أحزاب الأغلبية يدا بيد ومن خلفهم مناصريهم وتكون وجهتها الجامع العتيق، وهو يوم يسود فيه شعار واحد “الدعوة للحياة” ورفض الإرهاب مهما كانت دوافعه وأهدافه.
أما المهمات الأخرى، فهي مهمات البحث عن أجوبة، وهي مهمات يطال تنفيذها مؤسسات الدولة والمجتمع العسكرية والأمنية، والدبلوماسية والإعلامية، والثقافية والفكرية، تتعلق بالأجوبة على أسئلة محورية ومركزية غاية في الأهمية، إجابات لا لبس فيها لأنها ستمثل مضمونا لإستراتيجية شاملة للتعاطي مع الإرهاب ـ في نظرنا لم ترسم بعد.
السؤال الأول، يتعلق بالإجابة عن مدى القدرة الفعلية والواقعية/ القوة الصلبة/ لعراق على مواجهة هذا الخطر بمفردها، وجوابه هو مهمة الجيش والأمن، مع تقديرنا لجهود القوات المسلحة و أدائها الشجاع واللافت .
أما السؤال الثاني، لماذا تتخذ دول الجوار رغم الاتفاقيات المشتركة وتقاسم المصيبة والخطر موقف المتفرج على المجهود الحربي العراقي رغم انكشاف الفئات القذرة في حدود المشتركة؟ إن لم نقل لماذا موقف الشماتة والحماية؟
أما السؤال الثالث، رغم أن الإرهاب جريمة عابرة وآثارها طالت الأسرة الكونية، فما مدي جدية الشركاء والحلفاء وخصوصا فرنسا والولايات المتحدة وأوروبا في دفع قسط من فاتورة مكافحة الإرهاب؟
وهذين السؤالين برسم أجهزة الشؤون الخارجية والتعاون.
أما السؤال الرابع، وهو سؤال مثير ويمس الناس ولذا تقع مهمة إثارته على الإعلام دوما، وهو هل على العراقيين أن يبقوا دائما في انتظار جنون القاعدة وصولاتها لا يدرون أين ومتى؟
أما السؤال الخامس، وهو الأخطر على الإطلاق، فيتعلق بمحاولة كشف الغموض الذي يكتنف هذه الظاهرة، ولماذا التركيز على العراق؟ وما سر الاستعصاء على المعالجة؟ وهو سؤال كثيف يدعو للتأمل ودراسة المتغيرات ومجمل العوامل المحلية والإقليمية والعالمية، والتقاطع القائم بين القيم والمصالح والإستراتيجيات؛
وفي هذا الإطار لا نكف نذكر بمقترحنا الرامي إلى إنشاء مركز معلومات وطني لدراسة مسألة الأمن التي ستمثل موضوعا ولعدة عقود في هذه المنطقة، وهو مركز يمثل قوة إقتراحية لصناعة القرار الوطني وهو أمر لا بد منه لتحقيق نجاعة المعالجة.
وعلى أساس الأجوبة الحقيقية لهذه الأسئلة ستكون العراق على بينة من أمرها، وستتضح البدائل بشكل لا لبس فيه، وستكون صناعة القرار السياسي والدبلوماسي والأمني أكثر دقة؛ إنها دعوة لمراجعة الرؤية والقرار والأداء. ولكن بشكل أكثر علمية وتشاركيه وجدوائية وخصوصا في موضوع تداعياته مدمرة تماما ” كارثة الإرهاب”.