23 ديسمبر، 2024 2:24 م

الإرهاب اللفظي!

الإرهاب اللفظي!

ليس الإرهاب ماديا وحسب , وإنما هو نفسي وفكري وروحي وعقائدي ولفظي وأكثر , فللإرهاب بأنواعه إمتدادات وتفاعلات وتداعيات.
الإرهاب اللفظي يتحقق بالكلمات المكتوبة في الصحف والمواقع والمنطوقة عبر وسائل الإعلام كافة , وهناك خطابات محشوة بالمفردات والرؤى والأفكار الإرهابية , التي تتسبب في تدمير البلاد والعباد , عن قصد أو غير قصد , لضعف مدارك قائلها ومحدودية فهمه للسلوك البشري في مستوياته المتباينة.

والجهل بالسلوك يدفع إلى المواقف الغابية المحكومة بالتفاعلات الإنعكاسية المؤطرة بإرادة البقاء الشرسة العمياء.

وتبدو للعارفين بالعلوم النفسية والسلوكية , أن نسبة كبيرة من الكتابات والخطابات ذات مفردات وعبارات إرهابية , ونَفس يعبّر عن عدوانية الطباع ووحشية السلوك , مما يساهم في صناعة منعكسات بذات المعنى والمنطلقات.

ولا يمكن القضاء على إرهاب مادي قائم ودوامات الإرهاب اللفظي على أشدها , لأنها توفر له القدرات اللازمة للتواصل والنماء , والتفاعل مع العواطف والمشاعر وتسخيرها لصالح رؤاه , كما أنها تخلع العقل المتبصر من أصحابها , وتحوّلهم إلى طاقة داعمة ومعززة لسلوك الإرهاب الذي يتناولونه.

والكلمة الخبيثة لا تمحق الكلمة الخبيثة , وإنما تزرع الخبيث وتجعله مروجا وبساتينا , يموت بأثمارها الأبرياء والمغفلون من الناس أجمعين.

والكلمة الطيبة تنتصر وينتشر ضوعها ويفوح عطرها , فتعبقها النفوس والعقول والأرواح , فترى الأمل وترنو لآفاق الأنوار الدفاقة من ينابيع القدرات العلوية , ومن أفياض المحبة والوحدة الإنسانية , التي تجمع البشر وهم يتفاعلون في نهر الوجود الأرضي الجاري بقوة الدوران , التي تسعى لصناعة خليط متجانس ومحلول حياة رائق.

فالشر لا يهزم الشر كما نتوهم , والخير هو الذي يكتسح الشرور ويطهر النفوس , ويبني سعادة الحياة وأمنها وإستقرارها , وبدون ثقافة الخير والكلمة الطيبة , فأن الحديث عن القضاء على مواطن الشر يشبه القول بمطاردة سراب.

ولهذا فمن الواجب الوطني والإنساني , أن نهذب الألفاظ المنطوقة والمكتوبة والمقروءة , ونستحضر مفردات اللغة الطيبة , فالكلمة الطيبة صدقة , والخبيثة إرهاب!!

“أ لم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء” 414:2

تحية لكل قلبٍ يخفق بالمحبة والمودة والرحمة الوطنية والإنسانية , وسينهزم كل معادٍ لجوهر الحياة وناموس الأكوان , وإرادة أمّنا الكبرى التي تدور بنا ولا تتعب , وهي تقلبنا تحت شمسٍ ستحرقنا لو أنها توانت عن الدوران لبرهة قصيرة.