22 نوفمبر، 2024 10:43 م
Search
Close this search box.

الإرهاب العالمي والخلافة الإسلامية

الإرهاب العالمي والخلافة الإسلامية

ضج العالم اليوم بالعمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في جميع أنحاء المعمورة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وبعمليات متسارعة وبتوقيتات تتجاوز قدرة اي تنظيم في العالم واية مخابرات عالمية حتى وان كانت بحجم السي اي ايه او الكي جي بي .

انه تنظيم يضرب بقوة وبارجاء مختلفة من العالم وله أذرع الى الان لم تنكشف رغم كل الضربات التي وجهتها له الولايات التحدة وتحالفها الغربي والعربي ورغم كل الغارات الروسية ورغم كل العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش العراقي والحشد الشعبي والجيش العربي السوري والإئتلاف السوري المعارض والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق , ورغم كل الإجراءات الأمنية الأممية والملاحقات المالية من أجل تجفيف منابع الارهاب في كل دول العالم .

وامام هذه الضربات القوية للتنظيم يقف المحللون عاجزين عن بيان السر وراء قوة هذا التنظيم وقدرته على التأقلم مع الضربات القاسية التي يتعرض لها في العراق وسوريا والاجرءات الامنية في معظم دول العالم .

فالمؤدلجون يقولون ان السر يكمن في القوة الالهية التي تمد هذا التنظيم بالمدد الالهي والنصر والتمكين وامام هؤلاء لا نستطيع ان نجادل تلك العقليات السمجة اذ يكفي ان نقلب ايات الجهاد المدنية في القرآن الكريم لنرى سماجة وسذاجة ذلك الرأي المؤدلج .

اما باقي المحللين السياسيين فيعزوه الى عوامل شتى ومنها السياسة الغربية والاميركية في الشرق الاوسط واستعداءها للعرب والمسلمين ومناصرتها لإسرائيل ضد العرب واحتلالها لبغداد وتهشيم ليبيا وباقي الامور المعروفة للقاصي والداني , وكذلك يعزوه البعض الى عوامل اخرى تتعلق بالسياسات الخارجية للقوى الكبرى في المنطقة والعالم وتوظيفها لهذا التنظيم من اجل خدمة مصالحها القومية وهو نفس الأمر حدث من قبل مع تنظيم القاعدة بقيادة ابن لادن .

ولكن ما يهمنا في هذا المقال هو كشف الأرضية العقائدية والبنيان الفكري الذي يعتمد عليه هذا التنظيم اليوم , فكما يعلم الخبراء في مجال الامن والاستخبارات ان السر وراء تمدد التنظيم في مختلف انحاء العالم هو انجذاب الشباب للفكرة التي يطرحها اليوم هذا التنظيم امام شباب العالم الإسلامي والحلم المؤجل والمعهود في اعادة بناء الخلافة الإسلامية واعادة التمكين للإسلام السياسي بعد انتهاء الخلافة الإسلامية في عهد السلطان عبد المجيد الثاني عام 1924 م .

وهو الأمر الذي دفع بالإخوان المسلمين وغيرهم من حركات الإسلام السياسي في مطلع القرن الماضي الى العمل الدؤوب من اجل حشد الشباب المسلم خلف هذا الحلم الكبير الذي تتوق اليه نفوس المسلمين كتوق الأباعر كما يقول الشاعر العربي , هذا الحلم هو بالإساس ما مكن تنظيما اسسه من قبل احد طلاب العلم المغمورين في مصر كــ ( الامام حسن البنا رحمه الله ) ورهط من الشباب المؤمنين المتحمسين ان يمتد افقيا ليغطي معظم انحاء العالم الإسلامي في عصر لم يعرف معنى العولمة بعد , فان كان البغدادي ومن قبله بن لادن قد استفادا من التكنولوجيا الغربية فان حسن البنا كان الاقل منهما بسبب الظروف الموضوعية للعالم في عصر البنا رحمه الله تعالى واستاذه من قبل رشيد رضا الذي زرع هذا الحلم في عقل مريده البنا . ورغم تخلف وسائل الإتصال والإستمزاج في العالم في حينه إلا ان تنظيم الاخوان الذي اسسه البنا لم يعد مصريا او عربيا فحسب بل اصبح عالميا وما زال الى اليوم هذا التنظيم العالمي للاخوان شبحيا لا يسبر اغواره الا الراسخون في العلم فقط من الذين آمنوا وكانوا يتقون !

ان حلم اقامة الخلافة الإسلامية هو أهم حافز يدفع الشباب المسلم الى التخندق والتمحور ضد العالم باسره حتى وان كلفهم ذلك ازهاق ارواحهم وارواح ابناء بلادهم وتدمير اوطانهم وتمزيق المجتمعات الغربية التي يعيشون فيها من أجل اعادة تكوين نظام الخلافة الإسلامي ولنصرة الخليفة سواء كان بغداديا ام شاميا ام عثمانيا ام البانيا !!!

ولذلك لن ينتهي الإرهاب الإسلامي ابدا ما دام هذا الحلم يراود مخيلة الطفل المسلم الذي يتربى في الجو الكلاسيكي العالم للمسلمين اليوم , الحلم الذي يريد ان يًنصَب اي انسان مسلم ليكون خليفةَ للمسلمين ليقوم بفرض الجزية على اهل الكتاب وقطع دابر الكافرين وادخال الناس عنوة الى الإسلام ويكون هذا الخليفة هو شرطي العالم الذي يخضع الكل لسيطرته , من غير أن يسأل

الشباب هؤلاء انفسهم هل سيعيد الخليفة المعهود سيرة الخلفاء الأمويين او العباسيين او العثمانيين مع رعاياهم ؟

الخليفة الذي كان يتحصن بقصره ويتلذذ باشهى انواع الطعام وترقص له القيان وتضرب له الدفوف وتُعزَف من اجله الألحان ؟!

من غير ان يسال هؤلاء الشباب انفسهم هل سيحقق لهم هذا الخليفة العدالة الإجتماعية والحرية السياسية التي يطالبون بها دولهم ومجتمعاتهم التي يعيشون فيها والتي شكل غيابها سببا في التجاء الشباب المسلم وتمحورهم حول حلم الخلافة الإسلامية المنتظر والموعود لامتهم الإسلامية في سورة النور وبعض الأحاديث النبوية الشريفة ؟!

ام ان عليهم ان ينتظروا كما انتظر اسلافهم ظهور عمر بن عبد العزيز كخليفة راشدي ومحمد الفاتح كنموذجين للعدالة الإجتماعية بعد انتهاء العقود الثلاث للعصر الراشدي الاول وعلى امتداد 13 قرنا من الجور والإستبداد ؟!

أحدث المقالات