العرب يتراكضون إلى غيرهم لحل أبسط مشكلة تحصل بينهم , ويتصورون بأن الآخر سيحل لهم مشاكلهم , وهو الذي يجدها فرصته السانحة للإستثمار في المشكلة لما يحقق مصالحه ويخدم أهدافه ومآربه.
ووفقا لهذه النمطية السلوكية ما إستطاع العرب حل مشكلة واحدة من مشاكلهم , بل جميعها وبلا إستثناء تعقدت وتطورت وتسببت في إرتهان العرب والقبض على مصيرهم , حتى لتجد الدول العربية اليوم بلا سيادة ولا قدرة على حكم نفسها بنفسها , فمعظمها تابعة وتستمد قوتها للتأسد على بعضها من الآخر الذي أشرعت له أبوابها ومكنته من إمتلاكها والتحكم بها.
ولا يمكن لوم الآخر الذي يفكر بمصالحه , فمن الغباء أن يأبى ويبتعد وأمامه الفرص سانحة والتوسلات قائمة والدعوات متراكمة , فلماذا لا يفترس ويقبض على أهدافه المهداة إليه , والتي لا يبذل من أجلها أي جهد أو خسائر.
ويبدو أن العرب سيسعون إلى الطلب من الدول الأخرى للتدخل في قضايا الزواج والطلاق في مجتمعاتهم , لأنهم ما عادوا قادرين على تسيير أمور الحياة بدولهم وفقا لما هو قائم في مجتمعات الدنيا المعاصرة , فهل وجدتم قضية عربية واحدة مهما صغرت أو كبرت ولم يتحقق تدويلها وتطويرها؟
خذوا قضية قطر ودول الخليج , وما يجري في اليمن , وهذه أمثلة حاضرة ونعيش تطوراتها وتعقيداتها وإمتناعها عن الحل , والذي يتدخل بها , وبتوسلات العرب , قوى أخرى وجدت فيما يجري أعظم تأكيد لمصالحها وتنمية لإقتصادها.
وهذا يفسر التداعيات المتفاقمة في الواقع العربي بأكمله , وبما أن الإرادة العربية مسلوبة , والحكومات تؤدي دور الوكيل , أو تقوم بتأمين وتسهيل مهمات الحروب بالوكالة ما بين القوى المتأسدة في الواقع العالمي , فأن التداعيات العربية ستتواصل , والإنهيارات القاسية ستتفرع والصراعات بإسم الدين وفقا لطبعات جديدة بمسميات وعناوين لها تأثيرها في التدمير والتخريب والإهلاك الشديد.
ولن تهدأ ماكنة الإنتاج التمزيقي من طرح منتوجاتها بمسميات مؤثرة وأغلفة جذابة , ومن تحريك المسوقين وإغراء المشترين وأخذهم إلى ويلات الجحيم بمحض إرادتهم المدجنة بإسم الدين , والتي يقوم بتمريرها معمم يرائي ويضلل ويدفع بالناس إلى سقر وبئس المصير , ما دام الرزق وفير , والجمع المغرر به كثير.
فهل من إرادة وعزم قدير؟!!