23 ديسمبر، 2024 5:47 ص

الإحتلال الدماغي يعني أن يمتلك غيرك رأسك , وهو من أبشع أنواع الإحتلالات وأشدها قسوة وقدرة على تدمير الهدف , ذلك أنه يجعل البشر طاقة مناهضة لوجوده ومعادية لذاته وموضوعه وما يمت بصلة إليه.
وقد إنتقلت البشرية بعد مسيرات طويلة من الصراعات الدامية إلى هذا المستوى من الإحتلال الشرس , وذلك لتوفر الوسائل والأدوات والمهارات اللازمة لتحقيقة بأيسر السبل , والبرامج والخطط والتفاعلات الخفية التي تعطي أوكلها بسرعة , وتمضي في متوالية هندسية عذابية تدميرية لتحطيم الهدف.
والإحتلال الدماغي يتحقق بحقن الرؤوس بأفكار وتصورات , مقرونة بتداعيات إنفعالية ذات شدة عاطفية قصوى تساهم في ترسيخ الفكرة والتصور , وصناعة حالة التمترس الدماغي والتفاعل العدواني ما بين الأدمغة المحشوة بخليط الأفكار والإنفعال.
فلكي تحتل الأدمغة عليك أن تسخر وسائل الإعلام والتواصل وتشحنها بما تريد , وتؤجج مساعيك وتصاعدها إلى ذروتها العدوانية , وفي ذروتها تأتي بعمل بشع يثير العواطف والإنفعالات وتقرنها بقوة بما حصل , كدليل على صدق ما ذهبت إليه وتواصلت معه , وعندها تحصل الفاجعة ويتحقق السلوك المطلوب لتحطيم الهدف.
والأمثلة السلوكية على هذا الإحتلال كثيرة ومتنوعة , وقد تم التعبير عنها بشدة وقسوة وعدوانية شرسة ووحشية منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم , وستمضي مسيرة التعبيرات المطلوبة لترسيخ وتعزيز الإحتلال الدماغي للناس في رقعة الهدف المطلوب.
والعديد من مجتمعاتنا تم إحتلالها دماغيا وتحويلها إلى وسائط ووسائل , لتحقيق الأهداف المنشودة للقوى المعادية للوجود العربي والعروبة والدين , وبهذا تمضي مسيرة التداعيات القاسية , والتفاعلات التصارعية الإستنزافية اللازمة لتحقيق أقصى ما يمكن من البرامج المرسومة والخطط المكتومة , ويبدو الساعي إلى هدفه في موقف المتفرج أو المستعد للتهدئة والمساعدة , وما ذلك إلا جزء مهم من المساهمة في ترسيخ الإحتلال الدماغي.
والمجتمعات المحتلة دماغية يمكن وصفها بالروبوتية , لأنها تتحرك وفقا لمشيئة القوة التي تمكنت من إحتلالها دماغيا , أي أن البشر وفقا لآليات الإحتلال الدماغي يتحول إلى روبوت مسخر لتنفيذ الأوامر الصادرة إليه من القوة التي إحتلت دماغه , وإستعبدته لتنفيذ مشاريعها والقضاء عليه بملئ إرادته.
فكيف نحرر أدمغتنا المُسْتَعْبَدَة؟!!