23 ديسمبر، 2024 10:23 ص

الإحتلال الداخلي!!

الإحتلال الداخلي!!

يبدو أن الحرب العالمية الجديدة في القرن الحادي والعشرين , قد إتخذت منحى يختلف عن المتعارف عليه في الحروب السابقة.

وقد تمخضت الحرب في إفغانستان والعراق عن إتجاهات جديدة في التفاعلات الدولية الضارية.

وهي تأكيد وترسيخ لنظرية الحكومة البريطانية التي إستوحتها من ثورة العشرين العراقية , وكأن ما يحصل في العراق يلقي بضلاله على ما سيحصل في العالم.

ففي القرن العشرين كان لابد من صناعة الأنظمة التي تحكم بالنيابة عن الإحتلال المباشر , وذلك بتحقيق آليات الإحتلال غير المباشر , الذي تطورت أساليبه واتخذت تنظيمات سياسية متنوعة , وذات أقنعة وشعارات معروفة , فأوصلت الحالة في المجتمعات المستهدفة إلى أسوأ الأحوال , وهي في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.

الذي فيه أفرزت الحرب العراقية مفاهيم جديدة , وصياغات إحتلالية وإمتلاكية ذكية ومعقدة , تترجم بدقة متناهية مفهوم “سعيد من إكتفى بغيره” , وبهذه الآلية المركبة المتطورة حوّلت أبناء المجتمع الواحد , إلى أدوات مُسخرة لتحقيق أهداف الطامعين بهم وببلادهم وبحاضرهم وبمستقبلهم .

فوجدتنا أمام حالات إحتلالية غير مسبوقة , يساهم فيها أبناء المجتمع في تدمير وجودهم الوطني والحضاري والإنساني , ويفعلون ما لا يستطيع فعله أي محتل في التأريخ.

إنهم يسفكون دماء بعضهم . وينهبون ثروات بلادهم ويمزقون وطنهم , ويندحرون في صغائر الأمور ويتجاهلون المصلحة الوطنية والعامة.

وينكرون ذاتهم وموضوعهم.

وبمعنى آخر فهم يتحولون إلى دمى متحركة وفقا للقوى المسيطرة عليها ¸ والتي تديرها عن قرب وبعد .

ولهذا فأن ديناميكية الإحتلال الجديدة ستتواصل ¸وستحقق تداعيات تناحرية وتصارعية ¸وحروب داخلية طاحنة ما بين ابناء المجتمع الواحد والوطن الواحد والدين الواحد , بل والمدينة الواحدة والعائلة الواحدة , في متوالية دامية لا نهاية لها ¸لأنها ستكون في دائرة مفرغة شديدة الدوران.

وعلى مدى أكثر من عقد أثبتت الشواهد ربحية هذا السلوك وسهولته , وعطاءاته المتجددة الإستثمار والتطوير والتعزيز والدمارالمتفوق.

فأنت تقتل نفسك ووطنك وأخاك من أجل مصالحي , وأنا أبرمجك وفقا لما يتوافق ومصالحي وتطلعاتي الإحتلالية , والتنافسية في هذا العالم المتصارع دوما.

لقد نجح الطامعون , وفازوا فوزا عظيما , وخسرت المجتمعات والأوطان والشعوب خسارة مروعة , فلا توجد أعظم خسارة من أن يتحول أبناء الوطن الواحد إلى طاقات سلبية عدوانية , ضد بعضهم ووطنهم وقد فاز أعداؤهم.

فهنيئا للفائزين وويلا للخاسرين!!