27 ديسمبر، 2024 5:51 ص

الإجتياح التركي لشمال العراق، من المستفيد؟

الإجتياح التركي لشمال العراق، من المستفيد؟

في أيام حربه ضد إيران، وليضمن وقوف تركيا الى جانبه، منح رئيس النظام السابق تركيا حرية الدخول الى جبال قنديل، لمطاردة حزب العمال الكوردستاني، واستمرت تركيا في هذا المنوال تطارد هذا التنظيم الكوردي المسلح طيلة سنوات تلت، ولم يشكل هذا مشكلة في ذلك الوقت للنظام السابق، لأنه كان بهذا يضغط على الكورد العراقيين، والذين يجدون أنفسهم بين مطرقة القوات التركية، وسندان قوات النظام الصدامي أنذاك.
بعد سقوط النظام ومجيء نظام جديد، لم تلتفت الحكومات المتعاقبة الى وجود هكذا إتفاقية، لأنها لم تكن إتفاقية مكتوبة أصلا؛ حتى يمكن القول بأنه يجب إلغاؤها أو تمديدها بشروط جديدة.
دخول القوات التركية الى داخل الأراضي العراقية، هو خرق لميثاق الأمم المتحدة، وتدخل سافر في شؤونه الداخلية، كان على وزارة الخارجية العراقية، أن لا تكتفي بإستدعاء السفير التركي وتسليمه مذكرة إحتجاج، بل أن تقوم بإبلاغ مجلس الأمن والطلب من المجلس عقد إجتماع عاجل للنظر في هذه المسألة، ويبدو أن الأتراك الذين يمرون بأزمة مع روسيا، عندما أسقطوا طائرة روسية، ومعاقبة روسيا لهم بقطع الغاز عنهم، قد أفقد القيادة التركية إمكانية الرؤية الصحيحة لما يدور على الساحة الدولية من تغييرات، قد لا تجري بما تشتهي السفن التركية.
المعيب حقا في هذا كله، هو التبريرات غير المجدية فيما يتعلق بالأخوة الكورد، والذين نرى انهم من أكثر الذي سيتضررون من هذا التدخل، لما هو معروف من موقف واضح لتركيا فيما يتعلق بحقوق الكورد الأتراك، والذين تستميت بعض الأحزاب الكوردية لضمها الى صفوفها، بغض النظر عن نقاط الإلتقاء والإختلاف مع تلك الأحزاب، في محاولة من تلك الأحزاب لضم أراضي من محافظة نينوى، لما يمكن أن يطلقون عليه (الدولة الكوردية) المستقبلية، وفي ضوء المتغيرات السياسية نشك بأن هذه الدولة المزعومة يمكن لها أن ترى النور أبدا، لذا فإننا من باب الحرص على الإخوة العربية الكوردية، ننصح من يحاول ركوب هذه الموجة، التفكير مرتين قبل أن يصبح طريقه بلا عودة، وعندها لات ينفع مندم.
ما يتعلق بالإخوة السُنة، موقفهم لا يزال متذبذب؛ لا مع هذا ولا مع ذاك، عدى بعض الأصوات النشاز التي تخرج أيضا من إقليم كوردستان، بحكم سكنهم في فنادق الدرجة الخامسة، وتركهم لأهلهم يعانون الأمرين من تنظيم داعش الإرهابي، وبمجرد دخول الدبابات والمدرعات التركية، ظنوا لوهلة أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلم الإقليم السُني، وينسى أولئك أنه ما هكذا يكون البناء الصحيح، فبناء الرمل لا يمكن أن يصمد مع أول موجة من البحر المتلاطم.
الموجة الأولى جاءت من الولايات المتحدة، راعية التحالف الدولي، والتي أكدت بأن اقوات التركية التي دخلت الى الأراضي العراقية، ليست من قوات التحالف، وهو الأمر الذي يعطي الضوء الأخضر للعراق بالإستعانة بروسيا لضرب هذه القوات الغازية، وهنا ستكون روسيا قد ردت الصاع صاعين الى أردوغان، ومن جهة أخرى فهي فرصة لمن يدعم تنظيم داعش بالتخلي عنه نهائيا، ذلك لأن الولايات المتحدة لم تعد ترغب بهذا المسخ الذي صنعته بأيديها ومولته من مال النفط الخليجي، خاصة بعد بروز الديك الفرنسي كلاعب في الحملة الروسية ضد تنظيم داعش.