لكي تبني دولة على أنقاض شعب يتوطن أرضها لابد من إبادته , وهذا السلوك تكرر في مسيرة البشر فوق التراب , الذي أطعمه جثامين المبادين وطهر أرضهم من وجودهم فوقها.
وما يحصل اليوم في بعض دول الأمة وخصوصا قضيتها التي تسميها “مركزية” , يجري وفقا لهذا السياق المؤيَّد بالقوى ذات التأريخ المعروف في الإبادات الجماعية.
فالخطة أن يُباد الشعب المستهدف وتخلو أرضه منه , وبعدها تشيّد الحالات المطلوبة , ليبدأ تاريخ آخر ينكر ما قبله ويمحقه.
هذا ما يجري ويتحقق , فاللعبة مبيتة ومرسومة بإحكام , وكان قادحها ما جرى في (7\10\2023) , لتوفير الأعذار الكفيلة بمسح وجود الهدف وتحويله إلى ركام , وقتل مئات الآلاف من بشره , الذي تحول إلى أرفام لا تهز مشاعر الدنيا , فالمهم الرهائن هؤلاء بشر وغيرهم دون الحشر.
ليموت مئات الآلاف من أجل بضعة عشرات , فالواحد بعشرة آلاف أو يزيد , مواطن قيمته مطلقة ومواطن منزوع القيمة ومنفي الهوية والوجود.
إنها معادلة الحياة الغابية الطباع , فالأسود لا تكترث بأعداد ما تفترسه من الغزلان , المهم أنها تأكل وجباتها المطهية بالرعب والخوف المميت.
الأسود تصول , والغزلان تذود , ويأتيها الوعيد أينما تحاول الإحتماء , فالأسود تريد الإفتراس ولا يقي من صولاتها الإحتراس.
عالم متحضر , يسفك دماء الأبرياء , ويسوّغ التطهير العرقي , والإبادات البشرية الجماعية , ويرى بعض البشر لا يستحقون الحياة , ويتسببون بخدش مدنيته وإستهلاك ما ينتجه , وعليهم أن يغادروا الدنيا , ليعيش بأمن ورفاهية وسلام.
فالغاب يحكم العلاقات بين القِوى , ولا توجد مواثيق وإتفاقيات ولوائح حقوق إنسان وغيرها , إنها صولات أقوياء على الضعفاء , والقوي يقرر الحق والعدل , وهو المُطاع الذي تذعن له دول الضعفاء, وتتوسل إليه أن يحميها من شره المستطير , وليستحوذ على ما يريده , فهو الدستور والقانون!!
فعن أي إنسانية يتحدثون؟
وبأي دين يتمنطقون؟
البشر يصنع سقرا وقودها بشر!!
فإلى أين المفر؟