إن مهمة بناء الدولة ومؤسساتها المختلفة، التي خلفها لنا النظام البائد، في حال يرثى لها بكل مقوماتها وتفاصيلها، لذا تحتاج الى وضع قضية مهمة أمامنا، وهي الحفاظ على وحدة المجتمع العراقي، والإستمرار في وضع الخطط اللازمة لهذا النهوض، فبسط الأمن العراقي على ربوعه، وفرض سلطة الدولة وهيبتها، لايمكن أن يكون بمعزل عن الحرب، التي يخوضها العراقيون ضد الإرهاب والفساد معاً، لذلك كانت مشاريع السيد عبد العزيز الحكيم في محلها، لكنها لم تحظَ بالإهتمام مع الأسف.
لن يتم البناء بشكل صحيح وواقعي، ما لم تتم إعادة النظر في القوانين والتعليمات المتخلفة، حيث ورثها من النظام السابق، والتي بعض منها لا زال نافذاً، فيعجبني ما قرأته لعزيز العراق (قدس سره)، حول وضع العملية السياسية التي أعقبت سقوط الدكتاتور، حين قال:(لن نسمح لأي كان بالتعدي على إنجازاتنا، أو التراجع عنها، فليس هناك من بديل للحرية سوى العبودية، وليس هناك من بديل للديمقراطية سوى الإستبداد)، لذا كان ديدنه في السياسة: الحوار والعرض لا الفرض.
شخصيات المجلس الإسلامي الأعلى، المتمثلة بزعامات آل الحكيم العظام، بدءاً من زعيم الطائفة الأعلى الإمام محسن الحكيم، مروراً بشهيد المحراب محمد باقر الحكيم، حتى عزيز العراق (رضوانه تعالى عليهم)، إنما كل واحد منهم، يمثل مشروع دفاع عن الوطن والمواطن، لتحقيق المزيد من المكتسبات الوطنية لهذا الشعب المظلوم، فمنهجهم العدالة ونيل الحقوق، ومقاومة الفساد والطغيان، وإحترام إرادة العراقيين جميعاً،فقد صرفوا كل وقتهم لخدمة المشروع الإسلامي، وأنتجوا جيلاً من المجاهدين قلَّ نظيرهم، لأنهم متسلحون بالعقيدة، والجهاد، والإيثار.
جلَّ ما إهتم له عزيز العراق (طاب ثراه)، هو تأكيده على أن الفساد الإداري والمالي، المستشري في مؤسسات الدولة، يعود للقوانين البائدة، التي أكل عليها الزمن وشرب، إضافة الى وجود النفوس الفاسدة والمريضة، حين تسلقت الى مواقع المسؤولية، حتى وقفت عائقاً أمام تحقيق العدالة والإنصاف، لجميع مكونات الشعب دون تمييز، فكانت الحكومة عبارة عن عوائل كبيرة، كل ٌّ يشد الحق صوبه، وهذا ما أوقع العراق، في بحر من الكوارث والخسائر، أمنياً، وإقتصادياً، بل وحتى إجتماعياً.
إشار السيد عبد العزيز الحكيم، الى(أن بناء النظام السياسي بعد فترة قمع أربعين عاماً،هو ليس بالأمر الهين، ولم ولن يتم من خلال المغامرات السياسية، التي تخضع للأهواء والطموحات المريضة، بل هي عملية شاقة وعسيرة، أول ما تتطلبه التنازل عن مصالح الذات، لصالح المجموع والوطن، وإن تعرضنا لبعض المطبات فسنواجهها بشجاعة)،كما أننا ما بين الحين والآخر، نحتاج أن نكون كفصل الخريف، ندعْ ما يؤلمنا يسقط خلف ظهورنا، لنسمح المجال أمام ربيع عراقي قادم يحقق ما نريد.
رموز خالدة بهذا الحجم، تسير وفقاً لمبدأ (القبول برأي الناقد والحاقد، فالأول يصحح مساري والثاني يزيد إصراري)،كان من ثمارها، زعامة التحالف الوطني اليوم، على يد نجله السيد عمار الحكيم، الذي يكرر دائما: (نراجع ولا نتراجع)، فتراه في قمة الحكمة والإعتدال، متميز بصدقه، ومبادئه، وأخلاقه، وكلما مرت عليه الصعاب، يزداد قدراً وإحتراماً في القلوب، فهو كأبيه يجمع ويوحد الصف والكلمة، وهي أساس نجاح المشروع الوطني الجامع.