قد لا يتفق الكثيرون مع العنوان , ويحسبون الأوطان بشعوبها , والواقع البشري في مسيراته المتنوعة الطويلة , يؤكد أن الشعوب تتبع ولا تقرر , وهي مطية قادتها أيا كان نوعهم , فمشيئة الشعوب من مشيئة قادتها , وإن لم يتوافقوا معهم.
فالقادة هم الذين يعمّرون ويخربون ويدمرون , ويذلون ويعزون , ويؤكدون السيادة الوطنية ويتبعون , وينتصرون وينهزمون , ولا حول ولا قوة عند الشعوب سوى أن تدين بدينهم , وتسير على صراطهم إن كان مستقيما أو معوجا.
قد يقول قائل , إنها الديمقراطية , والشعوب تقرر , فهذا تضليل وإفتراء , الشعوب تأتي بمن يحكمها , وبعد أن يتسلط عليها لا تستطيع عمل شيئ سوى أن تلتزم بما يريده منها , فقد إمتلك وسائل السلطة ويمكنه أن يبرر ما يريد فعله بطوابير من الأبواق المهللة لمناهج الكرسي العنيد.
ويمكن الإتيان بأمثلة معاصرة وغابرة كثيرة , تسببت بها الديمقراطية بعد أن وضعت أشخاصا إكتسبوا صفة القيادة وأذاقوا شعوبهم الويلات الجسام.
إن القائد هو الذي يقرر مصير البلاد والعباد وليس العكس , وتلك سنة التفاعلات السياسية القائمة في الأرض , وديدن الحكم بأنواعه , وسميه ما شئت , فالبلدان والشعوب السعيدة هي التي تفوز بقائد وطني يحب بلاده وشعبه ويهتم بمصالحها.
اما إذا تغرغرت بالمصطلحات والإدعاءات وتوهمت بما يُراد لها من الأوهام والهذيانات , فأنها ستأتي بقادة يذلونها ويهينون وجودها , وينطلقون بها نحو مهاوي الردى والنكبات , كما حصل في عدد من بلداننا التي أصابها الوجيع والنكد بسبب الحمقى والسفهاء الذين تسيّدوا عليها وقادوها إلى سقر.
فهل لنا من آليات للإتيان بقادة يؤمنون بمصالح الوطن والمواطنين؟!!