22 ديسمبر، 2024 7:53 م

الأوطان العربية وجوارها: تكتيكات للتهدئة، والتهيئة للاستراتيجيات

الأوطان العربية وجوارها: تكتيكات للتهدئة، والتهيئة للاستراتيجيات

نلاحظ قبل اشهر من الآن؛ هناك سعي حثيث لتبريد الاجواء بين الدول الفاعلة في المشهد السياسي، او مشهد الصراع السياسي والعسكري، في المنطقة العربية وجوارها، من دون وضع القفل بالشمع الاحمر عليها، اي انها تظل مفتوحة على المتغيرات، حيث يكون للوكلاء دورا كلي الحسم فيها. في سوريا ولبنان واليمن وليبيا و(العراق..) وتونس والسودان؛ هذه الدول جميعها تعاني من اضطراب وفوضى الاوضاع فيها، ولم يتم حتى اللحظة، حسم هذا الاضطراب و هذه الفوضى؛ كل ما هو جاري ويجري، ما هو الا لتبريد الاوضاع في هذه الدول، وليس وضع حلول ناجعة ومستدامة لها. لنأخذ سوريا، ولبنان، واليمن والعراق؛ للوجود الايراني الفعال في المشهد السياسي والعسكري فيها، دورا مفصليا في صياغة الحلول مستقبلا، وفي الوقت الحاضر ايضا. هذا من جانب اما من الجانب الثاني؛ هذا الوجود الايراني، لم تتضح صورته بعد، اي لم يستقر، ويأخذ طابع الثبات في موازنة هذا الوجود، مع تواجد، أو وجود الاخرين؛ في موازنة مستقرة، تتلاقى فيها مصالح الاطراف، في هذه الدول، بل لم تزل الاوضاع في الدول سابقة الاشارة لها، ولم يزل التواجد الاجنبي فيها، سواء كان الايراني او غيره، خاضعة للموازنة القلقة، وللمتغيرات التي ربما سوف يأتي بها المستقبل، سواء بالترضيات والمساومات والمقايضات، أو بأي شكل أخر، بين القوى العظمى الثلاث، والاصح لجهة التحديد الحصري، روسيا وامريكا حاليا،، والى الأمد المنظور، وقوى الاقليم الكبرى، أو ان الشعوب بقواها الحرة والحية، تثور على هؤلاء، وعلى تواجدهم الغير مشروع، وتزلزل اديم الارض من تحت اقدام وجودهم، وتجبرهم على الخروج هروبا. في سوريا؛ تلعب كل من تركيا وايران وروسيا وامريكا؛ ادوارا متعددة فيها، كل طرف يريد ان يجد له موطيء قدم مستقبلي في سوريا، مع بقاء نظام بشار الاسد على كرسي الحكم في بلد تحول الى انقاض، وشعب توزع بين تيه المنافي وتيه الداخل. لجنة كتابة الدستور معطلة، والقرار الاممي 2254معلق العمل فيه، في الوقت الحاضر. في الفترة الأخيرة جرت عدة محاولات لمد الجسور مع النظام السوري، كانت الامارات اللاعب المحوري فيها. كما ان امريكا لم تتشدد في تطبيق قانون قيصر، اي تركت هامش من المرونة في الالتفاف عليه، اضافة الى ان هناك لقاءات على مستوى الأمن والمخابرات بين النظام والبعض من دول الخليج العربي، ودول عربية اخرى، ودول في الجوار العربي. ان هناك ما هو غاطس، وراء هذه التحركات، بمعنى أخر؛ وراء الاكمة ما وراءها. عليه اطرح السؤالين التالين: هل هناك ترتيب ما، لعلاقة النظام السوري مع الكيان الاسرائيلي؟ وما مصير الثوابت الوطنية والقومية التي رفعها النظام خلال عدة عقود، ان جرى وضع الحلول، أو ترتيبات ما لهذه العلاقة؛ بضغط روسي عبر المقايضة مع الامريكي؟ اترك الاجابة للزمن والمستقبل. مع هذا اقول؛ ان هناك في هذه الخانة ما يجري وراء الابواب المغلقة، اقطاب تحركاتها، روسيا، امريكا، النظام، الامارات، وتركيا، وايران، لكن الاخيرة تنتظر النتائج؛ لتلعب لعبتها على المخارج. تحاول تركيا تصفير مشاكلها مع الدول العربية المحورية، السعودية ومصر والامارات، السؤال هنا؛ هل يدخل في السعي لبناء، أو اعادة الوئام لعلاقتها مع الدول سابقة الاشارة لها؛ علاقتها، أو اعادة علاقتها مع النظام السوري. من الجانب الثاني وهو الاهم؛ ما علاقة روسيا وامريكا، على الرغم من صراعهما الذي احتدم مؤخرا؛ بهذه المساعي الحثيثة في ترميم صدوع علاقات دول المنطقة العربية مع بعضها البعض، وعلاقتها مع الجوار العربي. من اكثر العلاقات التباسا، وغموضا؛ هي العلاقات بين الحليفين الروسي والسوري( النظام السوري)، وهي من حيث الواقع الفعلي على الارض، ومقدمات هذا الواقع ونتائجه؛ لا هي علاقة تحالف بين شريكين متكافئين، ولو في الحدود الدنيا لتقارب قدرات الحليفين؛ ولا هي علاقة شراكة استراتيجية، تفرضها حاجة الشريكين في الدفاع والحسم في المواجهة لعدو مشترك؛ لأن قدرة سوريا، قدرة صفرية بالمقارنة مع القدرة الروسية؛ عليه فهي علاقة خارج هاتين العلاقتين؟ مما يكسر الإرادة السياسية للنظام السوري في ترتيب علاقته مع المحيط العربي، عربيا كان او لا عربيا؛ بحكم الواقع واشتراطات هذا الواقع، لاختلال الموازين العسكرية والاقتصادية والسياسية في اسس العلاقة بين الدولتين. روسيا لها علاقة قوية جدا مع الكيان الاسرائيلي، وهي اي روسيا تحرص اشد الحرص على المحافظة على هذه العلاقة، بل تعمل بجهد على تطويرها على مختلف الصعد. كما انها تسمح بطريقة او بأخرى (لإسرائيل).
التحرك بحرية في ضرب اهداف تنتخبها في الداخل السوري، واحيانا على مقربة من قواعدها في سوريا، والامر والادهى تمنع القوات السورية من تشغيل منصات الدفاع الجوي الفاعلة، اس 300، والتي ان تم تشغيلها؛ تمنع او تحد الى حد كبير جدا؛ من حركة الطائرات الاسرائيلية. روسيا تدفع البعض من الانظمة العربية في اعادة العلاقة مع النظام السوري، بالقفز على متطلبات التغيير المنشود، أو المأمول الذي يطالب به الشعب السوري( دستور جديد، مرحلة انتقالية، انتخابات..) بضوء اخضر امريكي، أو بمباركة امريكية. مما يجعلنا كمراقبين نضع الف علامة استفهام على هذه التحركات كما غيرها من تحركات رأب الصدوع العربية وفي الجوار العربي. وفي اليمن لم يزل القتال مستمر على اشده، من دون ان يلوح في الافق المنظور حلا له، او مخرجا لهذه الحرب العبثية. الحوار السعودي الايراني، بواسطة عراقية( اعتقد ان وراء تحريك هذه الواسطة، إرادة امريكية.. وله علاقة بالصفقة النووية، والتي من المؤمل، أو الاصح لجهة اليقين والدقة، المؤكد؛ اعادة العمل بها في الاسابيع المقبلة) يقع في خانة الحرب في اليمن. ربما يأتي هذا الحوار بنتائج من قبيل اعادة العلاقة الدبلوماسية كما كانت عليها العلاقة بينهما قبل عام 2016 وليس اكثر، في الذي يخص ايجاد طريق لتمتين العلاقة بينهما، بمعنى ان هذا الطريق وان تم فتحه؛ فأن الخصمين الاقليميين، لن يدخلاه، أو أن يدخلاه احتمال بعيد، لأنه مزروع بالغام الشك وعدم اليقين والثقة المتبادلان. ان لكلا منهما اهداف ايديولوجية، من الصعوبة، ان لم اقل من المستحيل التخلي عنها، لأنها جزءا من بنية النظام الايديولوجية، وهنا اقصد حصريا، ايران. انما من الممكن ان يصار الى اتفاق على وقف اطلاق النار في اليمن، واللجوء الى الحوار من اجل التوصل الى حلول تنهي او تحد من حمام الدم في اليمن والجوع والفقر والمرض، لكن من غير الممكن على ضوء قوى الصراع الفاعلة في حرب اليمن، واهدافها وغاياتها، وارتباطاتها الاقليمية والدولية( الامارات ومن وراءها الكيان الاسرائيلي، تعلب دورا محوريا في اليمن..)؛ التوصل الى حل جدي وواقعي يعيد اليمن الى ما كان عليه حاله، قبل الحرب. في تونس والسودان انقلاب على الديمقراطية، امام صمت امريكا وغيرها، الا بعض التصريحات الخجولة التي يراد منها؛ ان تكون بمثابة ذر الرماد في العيون، حتى لا ترى المدفون من الاهداف. وفي هذا الاطار، ما تكليف موفد اممي لمعاجلة، أو العمل على جمع الفرقاء السودانيين على طاولة حوار واحدة؛ تفضي الى انتاج الحلول للوضع المعقد في السودان؛ الا لدعم وتمتين وتقوية موقف قادة الجيش الذين انقلبوا على الوثيقة الدستورية، واضفاء الشرعية على انقلابهم سابق الاشارة في اعلاه. اعتقد ان الاوضاع سوف تأخذ في التأزم على يد، أو على ضوء مقترحات الموفد الاممي، وربما تقود الى الصراع بين مكونات الشعب السوداني ذو التنوع العرقي. في خضم هذا المشهد؛ هناك محاولات لتهدئة الاوضاع، عن طريق مد جسور التراضي، ونسيان الخلافات، بين دول الخليج العربي وبقية دول المنطقة العربية، وبين الدول الاقليمية الفاعلة في الخليج العربي والمنطقة العربية، أو التي لها تأثيرا فعالا فيها، تركيا وايران. هذه العمليات اي عمليات التهدئة تسير على قدم وساق منذ بعض من الوقت من العام السابق الذي انقضى قبل ايام. اكثر الدول حركة في هذا الاتجاه؛ تركيا وايران والسعودية والامارات ومصر، انما الاكثر حراكا في هذا الاتجاه، هي الامارات، هذه التحركات لم تثمر بعد عن نتائج ملموسة. ان هذه التحركات ترتبط ارتباطا سياقيا بالأهداف التالية:- تمرير اعادة العمل بالصفقة النووية بلا ضجه ورفض واحتجاج من قبل دول الخليج العربي، وبقية الدول العربية. – ترطيب العلاقات بين ايران ودول الخليج العربي، وبقية دول المنطقة العربية، وتهدئة الاوضاع المضطربة اصلا من غير ايجاد جدي لحلول ناجعة لها. ان تُترِك للعب في مخارجها لاحقا، حين يتم انضاج الظروف الواقعية والموضوعية، لإنتاج حلول تتوافق مع الخطة الامريكية الاسرائيلية في المنطقة العربية وجوارها. – ما يجري من كل هذا الذي جرى ويجري ولسوف يستمر يجري الى حين؛ هو لتمييع القضية الفلسطينية بصورة او بأخرى غيرها؛ بوضع حل لها يستجيب لطموحات الكيان الاسرائيلي. – جميع اللاعبون الدوليون مساهمون بدرجة او بأخرى، بمستوى او باخر في هذه اللعبة التي تفتقر الى العدل والانصاف، امريكا وروسيا. وبدرجة اقل اللاعبون الاقليميون، سواء العرب، وبالذات الامارات، او في الجوار العربي. أما لبنان والعراق، فلهما وضعان مختلفان من حيث البدايات والنهايات، وأن كانا يقعان في عين الخانة. في خضم هذا الاشتباك واختلاط اوراق اللعبة؛ هناك امران مهمان وحاسمان، سوف يفشلان ما سبق الاشارة له؛ إرادة الشعب الفلسطيني، وإرادة الشعوب العربية وان طال زمن انتظار ثورتها في وجه مغول العصر وطغاته