19 ديسمبر، 2024 3:02 ص

الأواني الفارغة ,والرجال الممتلؤون

الأواني الفارغة ,والرجال الممتلؤون

الممتلؤون هم من نجدهم متواضعون بسطاء في طبعهم لا يتصنعون المحبة والاحترام والتقدير للناس ,يحبون الجميع دون النظر للونهم ومعتقدهم وانتماؤهم الديني ,لا يعيشون حياة العقد الذاتية والقصور الفكري , ناجحون في مشوار حياتهم ,ويصنعون النجاح لمن حولهم ,لا يقدحون في خطابهم وحديثهم ,متسامحون كبار برقي خلقهم وأدبهم ,معنا في كل صغيرة وكبيرة يفرحون لأفراحنا ويحزنون لأحزاننا ,بعيدين عن لغة التعالي ,وهو ماقاله الإمام الصادق (ع) : ما من رجل تكبر أو تجبر ألا لذلة وجدها في نفسه.

والمثل الانكليزي يقول ألأواني الفارغة تحدث ضجة أكثر من الأواني الممتلئة ان قرعت على أناء معدني لن تحدث ضوضاء ولا إزعاجا كثيفا اﻻ أذا كان الإناء فارغا…والكلام اذ يصح فيزيائيا يصح في المستوى الفلسفي واﻻنساني ايضا..القاعدة تنطبق على البشر مثلما تنطبق على اﻻواني وكذلك البشر لا يحدث ضجة إلا ذو العقول الفارغة الخاوية التي تنظر لصغائر الأمور وتجعل منها كبيرة ,كذلك الحال بالنسبة للمتكبرين والمتغطرسين , كلها معاناة نفسية يخوضونها مع ذاتهم ,تتغلب عليهم الشخصية السادية وهي اضطراب نفسي يتجسّد في التلذّذ بِإيقاع الألم على الطرف الآخر, أيّ التلذّذ بالتعذيب عامةً,لقد طرد الشيطان من الجنة لأنه اختار طريق التكبر والغرور,المتكبرون المغرورون أشخاص يعتبرون أنفسهم أقوى وأعظم من سواهم,غالباً ما يدّعي المتعالون أنهم يتمتعون بأخلاقيات عالية, يبدو أنّ المتعالين يملكون فائضاً من الغرور وهم يرون أن الأناس الآخرين لا يستحقون فعلاً تخصيص الوقت لهم,كما أن العامة برأيهم جديرون بالاحتقار,يتوقّع المتعالون أن يعترف الآخرون بذكائهم وتفوّقهم وغالباً ما يُصابون بنوبة غضب عصبية عندما يتم إغفال روعتهم الفريدة وعظمتهم.

قابلت مؤخراً مسئول رفيع المستوى صانع قرار مهم أردت ان أتحدث أليه فقال لي : مهلاً عليك ان تكون بمستوى القرار الذي انا اصنعه حتى أبادلك الحديث , وكأنني في مجلس هارون الرشيد وحادثة ذلك الرجل الذي قال لهارون عندما عطس رحمك

الله ,فأجابه احد الوزراء لقد أصبت السنة ولكنك أخطأت الأدب ,وهنالك في الطرف الآخر صانع قرار أيضا في عمل الحكومة وعندما تحدثت اليه قال لي مهلاً تفضل معززاً مكرماً أنا بخدمتكم في أي شيء تطلبونه, ,الاختلاف يكمن ان الأول مستقراً فوق الجبل فمن الطبيعي ينظر لي صغيراً ,والآخر لا يريد الصعود للجبل لأنه ممتلئ بفكره وعنوانه وبعلمه ,مثل النهر كلما أخذت منه لا ينقص ,عذب زلال يرويك من عطش ,يقابلك بوجه صبوح مبتسم ,يدنو أليك كلما احتجت أليه هؤلاء هم الممتلؤون قلوبهم بيضاء لا تعرف الحقد والضغينة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات