هذا المقال لمساندة قرار إدراج الأهوار والآثار العراقية على لائحة التراث العالمي في 16 تموز 2016 مساحتها تعادل لبنان وأكبر..وحدودها جنوب العراق من البصرة وميسان والناصرية وتاريخها بعمق حضارة سومر ..وجمالها جنة عدن.. فالماء والقصب والبردي والطيور والأسماك كلها اجتمعت لتطلق صوت لحن الخلود و داخل حسن وحضيري أبو عزيز..وأهلها الطيبون الكرماء أفاضوا عليها وأفاضت عليهم..من القصب صنعوا أجمل بيوت العالم الصديقة للبيئة.. وطعامهم حليب الجاموس الذي يربونه منذ القدم والقيمر واللبن والطابك وخبز التنور الذي تصنعه نساؤهم و ماتغدقه عليهم السماء من طير مهاجر ومايصيدونه بالشص والشباك والفالة من أسماك الكطان والشبوط ..وحلواهم الخريط وقصب السكر..وتعليلتهم القهوة والشاي المهدر على نار هادئة من أعشاب يابسة والأحاديث التي تعلو وتخفت .. ونزهتهم عملهم الذي يبدأ من الخيط الأبيض ولاينتهي مع الشفق الأحمر .. وأصواتهم الجميلة تردد ..طر الهور مشحوفي..هكذا هي الأهوار تاريخ وجمال وحياة وطبيعة وموارد وكرم وضيافة .. ولكن معاناتها لم تنقطع على مر الحكومات العراقية المتعاقبة فمنذ تأسست الدولة العراقية في مطلع القرن المنصرم وحتى اليوم وهي لاتزال على حالها بلا أي مشاريع أو بناء أو تطوير أو خطط سوى ماأصابها من تجفيف وتجريف وانتهاك انساني وبيئي سواء من نظام البعث الصدامي أو من قرارات غير مدروسة في حكومات بعد 2003 وعلى الرغم من الأموال الكبيرة المخصصة سواء من المنظمات الدولية أو المؤسسات الحكومية فلم نر شيئا على أرض الواقع وبقيت كل المشاريع حبرا على ورق واختفت الأموال في خضم الفساد الذي يتربع على أكتافنا .. أما المشاريع الفقيرة التي أنجزت كمثل نصب الشهداء في الجبايش والعمارة فهي لاتمت بصلة إلى الأهوار لا من حيث تصميمها ولا من حيث انتماؤها لبيئتها فضلا عن الأموال المهدورة في بنايات متروكة لم تكتمل بعد .. وعلى الرغم من وجود مؤسسة ضخمة بموظفيها ومواردها مهمتها من عنوانها مركز انعاش الأهوار إلا إنها من دون أي منفعة لعدم اختيار الكفوئين لإدارتها ولعدم وجود سياسة وخطط وبرنامج واضح معد وفق جدول زمني محدد حالها حال باقي مؤسسات الدولة المترهلة والمتخمة بأصناف الفساد ..بيد أن هناك من يدافع عن الأهوار وعن أهلها وفي مقدمة هؤلاء منظمات المجتمع المدني ومارأيته من جهود حثيثة من قبل محافظ ذي قار وقائمقام الجبايش ومن صحفيين وكتاب ومن عشاقها الأجانب وهؤلاء كلهم يحاولون انتشال الأهوار من واقعها الأليم ومن هذه اللامبالاة واللامسؤولية تجاه ثروة وطنية جمالية تدر ذهبا لو أحسنت الحكومة النظر اليها والتخطيط السليم لاستثمارها .. فلبنان مثلا تعتاش على السياحة ونحن لدينا في هذه البيئة كل أنواع السياحة..الآثار السومرية وأكد وأور في كل بقعة ..والمراقد الدينية في كل مكان ..وجمال الطبيعة والقفز المظلي وبيت القصب والسمك المسقوف وغيرها مما يرغبه السواح متناثرة كحبات لؤلؤ مكنون..أيها الأحبة لاتستهينوا بثروات البلاد ولابجمالها ولا بكرم أهل الجنوب وطيبتهم ولا بعقول ناسه فهم من خطوا أول حرف وبنوا أول قوس وتاريخهم الحديث والمعاصر ناصع بالتضحيات ومضمخ بالدماء الزكية الطاهرة ..تعالوا سوية ندافع عن أهوارنا ونبنيها بأيدينا لنستعيد حضارتها ورونقها.. ولنفخر بأنفسنا كما نفخر بأجدادنا ..فكفى لوما وتقريعا ونقدا وجلدا لذاتنا..فالله لايغير مابقوم حتى يقوموا هم وليس غيرهم بتغيير واقعهم وعملهم هو من يرفعهم ليكونوا أمة وسطا..