28 ديسمبر، 2024 12:06 م

الأهوار بين ماض كئيب ومستقبل مهيب!

الأهوار بين ماض كئيب ومستقبل مهيب!

أكثر قطاع سياحي، تأثر بالفترة المظلمة أيام النظام المقبور، هو واقع الأهوار التي تنتشر في المناطق الجنوبية، وكونت محافظاتها الثلاث، البصرة، وميسان، وذي قار، مثلث التشيع الذي حاربه بكل الوسائل الوحشية، وحاول تغييرها ديموغرافياً، وتهجير سكانها من خلال عمليات ذبح الأهوار، مع أنها لو وجدت في دول أخرى، لكانت مورداً سياحياً وإقتصادياً مهماً جداً.إن المحاولات البائسة التي سعت الى تجفيف مائها، وقمع سكانها وتهجيرهم، وبالتالي القضاء على ثرواتها باءت بالفشل، حيث كانت الأهوار من أسرار الحياة في الجنوب، ومحراب المعارضة للبعث وزبانيته، كما كانت عنواناً للبساطة والشجاعة، وهي تقص حكايات فجر التأريخ وعصر التدوين، لكنها عانت الإهمال المتعمد، ولكي لا تنهض هذه المحافظات، التي جعلت من الأهوار كحلاً لعيونها السومرية، أهملوا واقعها الخدمي والثقافي، لأنها وقفت بوجه القمع والإستبداد، ورغم التحديات والصعاب صمدت، وشمخت بأهلها، وأهوارها وآثارها، ومرغت في الوحل أنوف الساعين الى طمر حضارتها.
قرار إدراج الأهوار والآثار العراقية، على لائحة التراث العالمي، هو إنتصار لسكان مدن الجنوب، لأنهم سيكونون الواجهة التأريخية والحضارية أمام العالم، ليطلعوا على عراقة هذا الشعب وإرثه المجيد، الذي تمتد جذوره الى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، لذا فالمهمة قد بدأت للمحافظة على هذا المنجز، فالأهوار تريد أن تثبت للعالم بأنها الأصالة، التي لا يمكن أن تزول وستعاود نشاطها، وألقها بتظافر الجهود الخيرة.
 مسؤولية كبيرة تقع على عاتق جميع الوزارات، وخاصة الخدمية منها على إعداد خطة إستراتيجية، واقعية فاعلة، لإعادة هيبة هذه المنطقة الحيوية، لأن فوائدها تعم الجميع دون إستثناء، ففرص العمل والإبداع ستكون لأهل العراق، وستمثل هذه المناطق محميات طبيعية للتنوع الإحيائي، وكذلك مناطق سياحية تجتذب السياح، إذن هي مورد اقتصادي إضافي، هذا مع المدن الأثرية، التي هي الأخرى مصدر مهم للعملات الصعبة، خاصة مع توافر المرافق الخدمية، والإستقرار الأمني، على رأس الأولويات التي نطالب بها، لأن ذلك رسالة إطمئنان للسياح الأجانب، ونحن بحاجة الى مثل هذه الرسائل.
ختاماً: الأهوار والآثار عاشت عصوراً مظلمة، رغم إنها ماض مجيد، ومن حق جميع العراقيين أن يفتخروا به، لأنهم أصل الحضارة ومنبعها، لذا جاء إدارجها ضمن لا ئحة التراث العالمي (اليونسكو)، فرحة كبيرة بعد أن نسي العراقيون عيد الفطر قبل أسبوعين، وهو محمل بإرث فاجعة الكرادة وبلد، التي أدمت القلوب والعيون، لكن العيد الذي تشترك فيه، ضفاف دجلة والفرات، مع عشتار والقيثارة، والوركاء والحويزة، جعلنا نشد العزم والهمة، لنبي عراقنا الجديد.