22 ديسمبر، 2024 11:20 م

الأنقلاب التركي … دروس لأقليم

الأنقلاب التركي … دروس لأقليم

تعرضت دولة تركيا ليلة (15/16-7-2016) الى هزة عسكرية كبيرة شهدت احداثاً دامياً بعد ان قام مجموعة من العسكر بمحاولة الانقلاب على حكومة اردوغان و بينالي يلدرم و تمكنوا من السيطرة على العديد من مفاصل الدولة منها البرلمان و القصر الرئاسي و رئاسة الاركان و مطار اتاتورك الدولي و التلفزيون الرسمي و تم تلاوة البيان الرسمي للانقلابيين و الاعلان عن حظر التجوال و الاحكام العرفية و ايقاف الرحلات الجوية و غيرها من الامور التي اثرت بشكل سلبي على الحياة السياسية و الاقتصادية و الامنية للبلاد و كانت ردود الافعال الداخلية و الدولية سريعة و مؤيدة للحكومة الشرعية ، و تلبية لنداء اردوغان نزل الشعب التركي الى الشارع و تمكنت الاجهزة الامنية و المخابراتية من افشال المحاولة و السيطرة على الاوضاع بعدما ذهب ضحيتها العديد .
ان الانسان بطبعه يستفاد من تجارب و احداث غيره و عليها يبني حياته ليتجنب الوقوع في نفس الزلات و الاخطاء و يمارس الاعمال التي كتب لها النجاح لغيره و هكذا هي الحياة .
نحن في اقليم كوردستان علينا ان نستفاد من الاحداث التي مرت بها دولة تركيا الجارة في الايام السابقة لأن الاقليم يمر بمرحلة من الازمات السياسية من الاختلاف بين الاحزاب السياسية في القضايا الجوهرية من رئاسة الاقليم و البرلمان و عدم الشفافية و تقسيم الاقليم الى ادارتين مثلما كان سابقاً و ازمة اقتصادية و مالية و تأخير الرواتب ناهيك عن ازمة اللاجئين و النازحين و انشاء المخيمات … الخ فمن الدروس المستفادة هي :
1. أن إرادة الشعب هي القلعة الحصينة و السور المنيع لحماية أي كيان و الحفاظ عليه و الوقوف امام كل المحاولات للنيل منه ، فان الشعب التركي الذي لبى نداء اردوغان اثبتت بأنها القادرة على الوقوف بوجه الدبابات و الطائرات و العسكرتارية المقيتة التي ذاقت منها طوال العقود الماضية من القرن السابق مرارة الحياة و العيش تحت سياطهم و المكانة المهينة لتركيا في المجتمع الدولي بين تبعية للقوى و الاعتماد على المساعدات تحت وطأة المديونية فليكن درساً لكل القوى السياسية الكوردستانية بان الشعب الكوردستاني هي ذات ارادة صلبة اثبتت جدارتها مرات عديدة منها في الانتفاضة المباركة عام (1991) بحيث تمكنت من قهر الاعداء و هدم قلاعهم و كسر شوكة الخوف منهم بعدما قرر و ضحى و هي نفسها التي حمل السلاح ليقف بوجه
داعش قبل سنتين بعد ما حاول النيل من كوردستان و هو الذي صبر و يصبر على كل الازمات دون خوف و انما استحياءً لدماء شهداءها و عرق الاوفياء و نضال السنوات الطوال و ان الحزب الذي ينطلق من رحم هذا الشعب هو الذي يقدر على البقاء و الاستمرار و الا فالشعب لايرحم من يجعله وسيلة ليصل مبتغاه و يستغل قوة الشعب لاهدافه ، والشعب اذا اراد فان فوهات البنادق و صوت المدافع و سلاسل الدبابات لايرعبه بل يزيده اصراراً و صلابة و باختصار الشعب هو الاساس المتين الذي ينطلق منه كل الافكار و التوجهات و هو باني الامجاد و الانجازات .
2. ان وجود المعارضة السياسية ظاهرة صحية في المجتمعات الديمقراطية و لايعني بان المعارضة لاتريد الخير للبلد و انما تشترك مع من في السلطة بمجموعة من المشتركات منها حماية الامن القومي للبلد و تحسين الوضع الاقتصادي و غيرها من القضايا الاستراتيجية و لكن برؤى مختلفة . و عندما يتعرض البلد الى التهديد بوجوده و تغير نظام الحكم تتوحد جميع القوى و تقف بوجه ذلك و هذا ما اثبتته القوى السياسية التركية من يمين و يسار ففي الساعات الاولى من محاولة الانقلاب اعلنت كل القوى مع الاحتفاظ بملاحظاتها بانها لاتؤيد الانقلاب العسكري و لايعني ذلك تبعية هذه الاحزاب لحزب اردوغان و انما لشعورهم بوجود خطر يهدد وجود تركيا بمجمله فان وحدة الصف في وقت الازمات و المحن ضرورة .
و ان اقليم كوردستان يمر بمرحلة من الازمات (مثلما اشارنا اليه سابقاً) و انه على مفترق الطرق بين التهديد بالوجود او الاعلان عن كيان سياسي و لكن في وسط خلافات شديدة تصل احياناً الى التهديد بالمسح و انكار البعض و علينا ان نستفاد من وحدة القوى السياسية التركية في اوقات المحن و على الاحزاب الكوردستانية بمختلف التوجهات القومية و الدينية ان تتوحد ليصل سفينتنا الى بر الامان و تضع كل الخلافات الشخصية و الحزبية جانباً و توحد صفوفها و الا يكون للشعب كلمته و التاريخ لايرحم احداً .