بحلول عام (2013) تكون جريمة الإبادة الجماعية(الأنفال) بحقنا نحن الكورد فد مرت عليها (25) عاما وفي كل عام من ذكراها يتجدد الأسى والألم والحزن في عموم كوردستان ،ومن اجلها لم يتخلى الضمائر ان تستذكرها بقلوب دامية وعيون دامعة لا تتوقف، وبإصرار على إحاطتها بكل معاني الاعتزاز بالقافلة ذات (158)ألفا كوكبا من الشهداء التي شدت رحالها اليوم صوب كوردستان قادمة من منطقة حمرين التي كانت مسرحا للجريمة النكراء وشاهدا على صورة النظام البشعة .. الذين تؤكد الدلالات كلها إنهم لم يرتكبوا جرما ولا جناية ،سوى إنهم كانوا يحملون فقط هوية كوردية خالصة ،واختار لهم الله كوردستان وطنا أسوة بكل شعوب الأرض وسكانها،وهذا يعني ان سماسرة القتل والجريمة حين قرروا ان يرتكبوا جريمتهم النكراء كانوا على بينة من أهدافها قبل القيام بها ،ولم لا فأن الدلائل التي كشفتها مجريات المحكمة الجنائية الخاصة في حينها تؤكد بان الجريمة تم التخطيط لها وفق أسلوب حرب شاملة التي تبيح استخدام كل الوسائل لتحقيق الهدف .وبما ان الهدف ليس بمعزل عن النوايا فأن الإبادة الجماعية وبأبشع وسيلة هي كانت الاختيار الأخير في عقلية تلك الشلة الفاسدة التي جاءت إلى سدة الحكم بانقلابها الدموي في تموز عام (1968) لتكمل حلقتها الإجرامية والعنصرية بحق الكورد التي بدأها عام (1963) وسط تعاون كل الأنظمة الشوفينية العروبية البغيضة في سوريا ومصر وسودان في حينها بهدف طمس الهوية الكوردية وإزالتها من الخارطة السياسية فكرا ووجودا ، لذلك فان الحديث عن مأساة تلك الجريمة التي صفق لها البعض في حينها مجاملة للنظام المقبور على حساب احزان ضحاياها الكورد حصرا، نجد وبأسف شديد خللا واضحا في كيفية التعامل مع هذه الجريمة التي بقيت الى الان تراوح في مساحة ضيقة ربما لا تتعدى حدود كوردستان التي كانت مسرحا ميدانيا لها واختبارا شوفينيا لمدى قدرة (البعثيين) على إلحاق الأذى والألم بحقنا نحن الكورد ،وهذا يعني إن قدرة الإعلام الكوردي بقيت محصورة في نطاق بضعة أفلام روائية وقصيرة التي يتم إعادتها كل عام التي تتحدث عن الجريمة التي ربما تم أعداها بعد عملية التحرير مباشرة عندما كانت الحاجة إليها اكثر من ضرورية،وبذلك فان الاستمرارية في عرض تلك الأفلام سنة بعد أخرى قد ألغت الهدف الأسمى التي نروم الوصول إليها وهي ان تبادر الحكومة التي نشكل نحن الكورد فيها جزءا ومكملا لوجودها ،بتعريفها رسميا دون تأخير بأنها ((جينوسايد) بشع ومشين في التأريخ المعاصر ،وهي إبادة جماعية لم تشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا،وعلى هذا الأساس فان القوى السياسية الكوردية التي عاشت الإحداث بكل تفاصيلها مدعوة بالضغط المباشر على وسائل الإعلام الكوردية الرسمية منها والعامة أن تعيد من جديد اهتمامها بهذا الحدث المأساوي الكبير من خلال إنتاج افلام سينمائية كبيرة تتناسب مع مجريات الجريمة وأهدافها للخروج بها الى نطاق اوسع التي تجاهلتها المجتمع الإقليمي والدولي لسنيين كثيرة ، ورصد الإمكانات المادية اللازمة لها ما دامت هنالك تخصيصات مالية ضخمة نفوق بها عددا من دول المنطقة بهدف توثيقها بأضخم عمل فني كبير أسوة بالأعمال الفنية الكبيرة التي تتسابق الشعوب بتقديمها لتكون حال لسانها بين الأمم والشعوب البعيدة منها والقريبة
لذلك لا اجد حرجا عندما أقول ان إعلامنا الكوردي لم نجد له أثرا على الساحة الدولية ، وان وسائل الإعلام المرئية والسمعية رغم الرصد المالي والفني الكبيرلم يتخطى خلال الفترة المنصرمة حدود المحليات ، وهذا ناجم من حيث اعتقادنا عن سبب سوء الاختيار للكوادر الفنية العاملة في هذا المجال التي ربما تفتقر إلى المهنية الخاصة . التي لا تمتلك فن قدرة التخاطب السمعي والمرئي مع متطلبات الشارع العام وحجم طبيعة المهمة التي يتطلب ان يكون الاختيار لها وفق شروط الكفاءة المهنية القادرة على خلق الأجواء وابتكار الوسائل ، وهذا بحد ذاته تذكير لمبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب الذي يغنينا عن التبذير في صرف الأموال وقتل الوقت الذي إذا لم نقطعه سوف يقطعنا دون سابق إنذار..وكل ذلك يدفعنا للقول ان السنوات25) التي مرت على جريمة الأنفال ذات ثمانية مراحل لإبادتنا من على ارض كوردستان لم نعمل جاهدين على إبلاغ رسالتنا بمستوى الجريمة وأوصافها الى العالم ،كالذي يمارسه اليابانيون عند حلول ذكرى (هيرو شيما و ناكازاكي) حيث نحني الجميع أمام ضحايا الكارثة اعتزازا بمكانتهم العظيمة التي أصبحت هوية وعنوانا للوطنية اليابانية ..ومن هنا آن الأوان ان تدرك القوى السياسية الكوردية ان جريمة الأنفال التي ارتكبت بحق الكورد في وضح النهار وأمام الأنظار جميعها ليست بحاجة ان ننظم لها شعرا او كلمات نلهب بها المشاعر لنجدد بها الدموع في كل عام ، بل هي بأمس الحاجة أن نكرس لها برنامجا سنويا خاصا مختلفا مدعوما بتغطية إعلامية كبيرة يتناسب مع حجم النزعة الشوفينية التي رافقت الجريمة ، وتجاهل العديد ممن احتال عليهم النظام المقبور ،والذين لا يزال الأحياء منهم لا يترددون في الدفاع عنها أو التنصل منها ..لذلك باعتقادي ما دام نحن الكورد مقبلون على ترسيخ تجربتنا الفتية و ركائزها بشكل اكبر في كوردستان ينبغي لنا جميعا بغض النظر عن اجتهاداتنا الفكرية والسياسية ان لا نتجاهل الآثار النفسية لتلك المراحل العصيبة ونعمل كي نحولها الى ثورة سياسية أخرى، التي أراد بها الفاسدون ان ينتزعوا من قاماتنا الكوردية العالية ليغتالوا فينا روح الكفاح والمقاومة،متجاهلين وكان ذلك دليل غباوتهم ان عمليات الأنفال جددت في قلوب الكورد جميعا العزيمة والإصرار والمطاولة على النضال مهما كا الثمن ..