الطائفية من أهم عوامل تمزيق الأمة , وتفتيت دينها وتآكله من داخله , ولهذا فأن دولها ستهيمن عليها الأنظمة الطائفية وستسود فيها الصراعات الداخلية , لكي لا تقوم لها قائمة إلى يوم الدين.
فالقائلون بسقوط هذا النظام الطائفي أو ذاك من الواهمين , والصحيح أن الأنظمة الطائفية ستتزايد والصراعات الداخلية بين أبناء الأمة ستتعاظم.
والطامعون بالأمة لديهم القدرات المتنوعة لتعزيز هذا السلوك وتطويره وتدمير مفهوم الأمة ومحقه من الوجود , فما عاد هناك إسلام , بل كينونات متناحرة كل منها يدعي أنه يمثل الإسلام.
تلك حقيقة مرعبة ستتفاقم على مدى القرن الحادي والعشرين وما بعده.
والمشكلة أن العديد من أبناء الأمة مسخرون لتأمين هذه المهمة البشعة , التي ستتسبب بسفك دماء الأبرياء من الأجيال المتعاقبة.
التأريخ يخبرنا بأن الأحزاب المؤدينة تأسست بعد سقوط الدولة العثمانية وإنتهاء دور السلطان الذي كان يمثل الأمة , منذ دولة المدينة وحتى عام 1923 , وبعدها أصبحت الأمة تائهة بلا قائد , فتقرر تمزيقها بالذي يجمعها وهو الدين , وتبين بأنه أسلوب سهل ويعطي نتائج مبهرة وبجهود أهله , مما يمنع الخسائر وإستنزاف الطاقات , فكانت الأحزاب المؤدينة وأضدادها , وتم دفع الدين إلى كراسي التسلط على الناس لتحويلهم إلى فئات متصارعة تطارد وهما داميا ومبيدا.
فوقعت الواقعة , وتطورت الفاجعة , ونزفت الأجيال رحيق وجودها , وتعلقت بالغابرات , وإستلطفت الخيبات , وتوهمت بأنها أمة الإنكسارات والنكبات.
إننا نعيش في عصر العلم والتكنولوجيا والتطورات الإليكترونية المذهلة , وأي إنصراف عن العلم يؤدي إلى الضياع والهلاك الحتمي , لأن عجلات المبتكرات والإبداعات العلمية المتواكبة , ستدوس على رؤوس الغاطسين في وحل الماضيات , والداسين أبصارهم في مستنقعات الغابرات , والمتوهمون بأن الذي كان عليه أن يكون , ولا بد من تغيير ما مضى ومات , فهل وجدتم ميتا يبني الحياة؟
المطلوب التفكر بالحاضر والمستقبل وعدم الإنزواء في جحور الأجداث , والتوهم بأنها تحوي ما هو مقدس وعظيم , وما فيها رميم بشر عاش ومات.
سباقٌ نحو آفاقِ السؤالِ
وأقوامٌ بمطحنةِ الزوالِ
هي الدنيا تنادينا لأمرٍ
وتمنحنا مراسيم النضالِ
فلا تبخلْ بتفكيرٍ سليمٍ
ولا تعتبْ على زمنِ القتالِ
د-صادق السامرائي