18 ديسمبر، 2024 8:59 م

الأنتفاضة: معجزة عراقية…

الأنتفاضة: معجزة عراقية…

الشهيد بساحة التحرير

حي ما مات

گام تحزم بموته

گلهم ما يموت الموت

بياع الضمير الساكن الخضره

وحده يموت

عفن لا چفن لا تابوت

خيانه يموت… عار يموت
1 ـــ في 01 / تشرين / 2019, انتفض تاريخ عمره اكثر من (8) الاف عاماً في ساحة التحرير, كنت حينها ميتاً, لا حلم لا امل لا فرح ولا امنيات, والهوية الوطنية التي كانت, جففتها ثقافة الأحباط, مُنكفئّاً على وجهي, داخل نعش الأيديولوجية التي استهلكتني, صدقوني كنت الحي الذي مات, دفنت في الزمن الذي مات ايضاً, بلا زمن في مقبرة المؤدلجين, الف مرة اعدت قراءة الفاتحة, ووصيتي في اربعينية الجسد الذي شبع موتاً, مُت كما مات غيري, ودُفنت كما دُفن غيري, نسيت ان اتذكر وتخلت عني الذاكرة, سوى هلوسة رفاق, اسمعها ممحية المضمون, من بعيدهم يهتفون لماض اصبح خاريج الخدمة, كانت المعجزة, في ساحة تحرير عمرها (8) الاف عام ايضاً, وشباب يافعين تحمل رؤسهم وعي تراكم على امتداد سبعة حضارات, انتفاضة صرخت في جنازتي “كن فكنت” حلماً واملاً وفرحاً واغنيات خضراء, وشعوراً ان لي وطن, فشكرت معجزة الأنتفاضة.

2 ـــ الأنتفاضة التي اعادت لنا الأمل والحلم والأغنيات الضحوكة, واذاقتنا ولو من بعيد طعم الوطن, انعشت فينا الذاكرة, وفيها وحدتنا, ايقضت فينا موتنا, فكنا كما ارادت ان نكون, مسكت ثوبها, قفزت الى حضنها, كطفل ولد صباح 01 / تشرين, اسألها عن عنوان كان لي, اخذت بيدي واشارت, هنا بين الأحياء في سأحة التحرير, تجد كل عناوين العراق, حتى الجنوب سيدتي؟؟, نعم والشمال والغرب ايضاً, لا تنسى انك ولدت كما ولدنا, في الأول من تشرين, والعراق عنوان الجميع, لكل العراقيين سيدتي؟؟, نعم الا الجلادين فلا عنوان لهم بيننا, فتاة في الثالثة عشر من عمرها, تلقي خطاباً “الوطن هويتنا والشهداء هوية الوطن” لم افهم الأمر, ربما لازلت داخل كلس الماضي, لكنها وضعت العلم على كتفي “انه كفن من يريد استرجاع وطنه, ولا يخشى ركوب المجزرة, من كانت قضيته عادلة”, احسست حينها اني حيّ, وفي فؤادي روح شاب ووطن عائد, فآمنت بالمعجزة وشكرت الأنتفاضة.

3 ـــ ايها الرفاق القدماء في الجانب الآخر من الموت القديم, علمني الشباب هنا, كيف لي ان اكون حياً, وليس الا الدماء ثمن القضايا العادلة, لا امتثل الا لما تأمر به المعجزة, لم اعد (صرصور) اجادل آخر في سراديب الترقب, لاصطياد المكاسب السريعة, ثم اخسرها واخسر نفسي وقضيتي وضرورتي, وابيع ما ورثته من الأوائل, بايعت معجزة الأنتفاضة, وكما اوصتني, ان اعيد كتابة قصيدة عمري, بمداد المشروع الوطني للوعي الشبابي الجديد, اودعكم واعيد الأنتماء اليهم, اودع فيكم اورام الأحباط واعراض الأنتهازية, ومقالات سوداء مشبعة بالطائفية والعرقية, اودع الأنفلات الأعمى للهويات الفرعية, لا استطيع ان افسر لكم, ما يعني ان يحس المرء, ان في روحه وطن, وبين شرايينه دماء ساخنة, ورغبة في ان يكون, جزء من جسد الأنتفاضة, ويهتف بأسمها شاكراً.

4 ـــ العراق المدمى في جنوبه ووسطه, كان ينتظر ان تكتمل معجزة الأنتفاضة, بعودة الحياة الى غربه وشماله, في غربه حراك شعبي مقموع ابتدأ يعلن عن هوية الأنتماء, منسلخاً عن طائفية منتحلي تمثيله, في شماله لازال مسجياً على فراش عبوديته, يجتر علف الكراهية وخدعة الأستفتاء, على مصير باعه المهربون, في مزادات الصفقات السريعة, وانساه عناده القومي, ان له وطن ومشتركات مع الأشقاء, الأنتفاضة الباسلة, تضخ دماء معجزتها في شرايين الموتى, في لحظات تخترق فيها جدار المستحيل, تمزق نسيج طوق النظام الأقليمي, لتدق ابواب هيئة الأمم ومجلس امنها, تصرخ بوجه سلبية الكون, تطالب بالتضامن الأنساني, ويمنعوا مليشيات الأجتياح الأيراني, من شرب دم العراقيين اكثر ويتركون للمنتفضين فرصة, ان يسترجعوا وطنهم, ليعيدوا اصلاح ما خُرب وبناء ما هُدم, فقط من هناك, في شوارع وساحات المحافظات العراقية, فنهضة العراقيين معجزة, يجب ان تحترم وتشكر.