8 أبريل، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

الأنتخابات ..والركية الفطيره

Facebook
Twitter
LinkedIn

وقفت أمام المرآة طول فارع وبدلة سوداء وقميص بنفسجي وربطة عنق ملونة يمكن إرتداءها مع جميع البدلات نظرت الى نفسي جيدا تبادرت الى ذهني أفكار كثيرة منها أن أقوم بشراء سيارة حديثة ولم تعجبني الفكرة ففكرت أن أفتح محلا لبيع الكماليات النسائية  ولكن سرعان ما عدلت عن ذلك بسبب المشاكل التي ستسببها لي زوجتي إذا عرفت. تركتها وذهبت الى أبعد من ذلك قلت أسافر وأصرف الأموال (الخمسطعش مليون العندي كلهن وهيه سفرة العمر) ولكن إستجوبت نفسي : سافرت .. وماذا بعد ؟ وعدت لأنظر الى هيأتي وجدتها.. سأرشح الى الانتخابات وكل الاحلام التي حلمتها ستتحقق بعدما وجدت إنني صديق لأكثر من (20 واحد) وكلهم يحبونني وكل واحد من هؤلاء العشرون سيأتون لي بألف صوت فيكون العدد 20 الف صوت وأنا وزوجتي وأهلي وأهلها وعمامي وخوالي وعماتي وخالاتي وأسرهم وأصدقائهم سيكون الرقم أكثر من 30 الف صوت (فزت والحمد لله) .

حزمت أمري وذهبت الى إحدى القوائم التي كانت تبحث عن مرشح أي كانت كفاءته وسمعته المهم تريد أن تكمل عددها المطلوب إستقبلني رئيس الكتلة ووضع لي عشرين شرطا أتذكر أهمها أن ترافق صوري التي سأعلقها صور رئيس الكتلة وأرفع  نفس الشعار الذي تتفق عليه كتلتي وأخبرني رئيس كتلتي بشرطا آخر هو “حينما ستفوز لاترفع يدك للموافقة والتصويت على أي قرار مالم تنظر الى رئيس الكتلة في المجلس لتأخذ (الأو كي منه) ” وشرطا آخر هو أن “لاتتكلم بأي شيء مالم تأخذ رأي الكتلة فيه” وشروطا كثيرة لا مجال للخوض في الحديث عنها وتوكلت على الله بعد أن أعطوني تسلسلا في ذيل القائمة مرددين (التسلسل مو مهم المهم التثقيف للحملة) وقبل أن أخرج سألني رئيس الكتلة عن المبلغ الذي رصدته للحملة فأخبرته (15 مليون) فضحك مني حتى تصورته أنه سيموت من الضحك) وبعد أن شبع من الضحك قال لي (عمي حملتيش هاي؟ هاي بالسياسة الانتخابيه يصيحولهه دعاية مال إتلاثه بربع) وعرفت إن مبلغ الخمسة عشر مليون لايكفي ليومين من الدعاية الانتخابية وتذكرت ان عندي قطعة ارض في منطقة متميزه فكرت أن أبيعها وفعلا بعتها بسعر قليل بسبب عدم وجود طلب على قطع الاراضي (والناس ملتهية بالانتخابات) المهم إجتمعت مع المقربين من أصدقائي الذين عولت عليهم كثيرا وبدأت الحملة بتعليق اللافتات والشعارات الرنانة وكان شعار الكتلة الذي كتبناه على اللافتات جميعها (الحجارة الماتعجبك تفشخك) وقد إختار هذا الشعار مستشار الكتلة للشؤون التربوية والنفسية والحسابية والهندسية والفنية والانتخابية والشؤون الدينية والعشائرية والمالية العظمى (حميد الحيوي) وقد إستمد لقبه (الحيوي) من حيويته وأفكاره الكبيرة في شؤون إدارة الكتلة في الانتخابات السابقة والحالية.

وبدأت الحملة الأنتخابية وبدأ الغرور يدب في نفسي حينما وجدت أناسا لا أعرفهم يتصلون بي للوقوف الى جانبي وأصدقائي العشرين الذين كنت أعول عليهم في حصد الاصوات كانو يجلبون لي الاخبار السعيدة كل يوم والأكثر من هذا المكالمات الهاتفية التي تصلني من أناس يدعون أنهم شيوخ عشائر وإن عشائرهم تقف خلفي وإن ليس لها غيري في الانتخابات ومئات من المواطنين يستقبلونني في الأحضان يباركون لي هذه الخطوة نحو التغيير ووزعت أموالي الى أصدقائي العشرين ليصرفوا منها عزائم وسفرات وزيارات لعدد غير قليل من المناطق المتأرجحة كما يقال (والمتأرجحة يعني بمصطلح مستشار الكتلة حميد الحيوي هي المناطق التي لم تثبت الى الآن مع مرشح بين قوسين ياهو اليجي يكولوله إحنه وياك) وقد صرفت جل مالي على هذه المناطق بعد أن كسب المرشحون الاخرون من الكتل المختلفة  قلوب وجيوب وعقول وبطون الاخرين من الناخبين وقبل يوم من الانتخابات جلست مع قادة حملتي الانتخابية لأعد الأصوات التي من المحتمل أن أحصل عليها فوجدتها بعد أن طرحت منها المتأرجحين والكذابين واللاعبين على أكثر من حبل والناكثين الوعد والمجاملين فوصل العدد عندي 35  الف صوت وهي قادرة على إيصالي الى قبة مجلس المحافظة لأمثل هذا الشعب وأكون أحد دعاة التغيير وقائدا من قيادات التشريع في المحافظة وإنتهت الانتخابات وأرسلت أصدقائي الى المراكز الانتخابية لحساب الأصوات قبل إعلانها رسميا ولكن من يذهب لن يعود والجهاز مغلق أو خارج منطقة التغطية وبقيت أنتظر الأعلان الرسمي لأجد نفسي قد حصلت على 35 صوتا فقط لم توصلني الى الباب الرئيسي لمجلس المحافظة ليعود عدد غير قليل من المواطنين للأتصال بي ليخبروني ويقسمون لي أغلظ الأيمان إنهم إنتخبوني وعوائلهم حتى وصل عدد المتصلين والمتأسفين الى 35 الف شخص مع عوائلهم وأصدقائهم حفظتهم عندي لأدخل فيهم الانتخابات القادمة لمجلس النواب.

الحقيقة.. أصابتني النكبة وحزنت على أموالي التي صرفتها وأحلامي التي ضاعت ولكن زيارة مستشار الكتلة للشؤون التربوية والنفسية والحسابية والهندسية والفنية والانتخابية والشؤون الدينية والعشائرية والمالية العظمى حميد الحيوي لي بعد إعلان النتائج وخسارتي بالضربة الانتخابية القاضية  قلل شيئا من حزني وقال لي مقولته الشهيرة التي أفكر فيها الى الان كيف وصلت الى عقله النير وهي مقولة (الأنتخابات مثل الركية لو تطلع حمرة لو بيضة وفطيرة) وحمدت الله على كل شيئ .. خسرت الانتخابات ولكن ربحت المقولة العظيمة (الانتخابات ركية يمكن تطلع حمرة ويمكن تطلع بيضة وفطيرة) .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب