بعد فترة من أجراء الأنتخابات العراقية المبكرة التي تجاوزت لأكثر من نصف العام، دون حسمها لتشكيل حكومة وفق النتائج المعلنة بغض النظر من سلبياتها ومساوئها، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة الشعبية فيها عن 15%، أي بنسبة خافقة ومتدنية عن سابقتها التي أجريت في الشهر الخامس من عام 2018 بموجب نسبتها المعلنة شعبيا! 18 %، اي بأخفاق واضح تكاد أن تكون 3% ضمن الفاصل بين المرحليتن الأنتخابيتين، هذا يعني بأن الشعب العراقي عازف تماماً عن المشاركة الشعبية بقراره اللارجعة فيه.
وللأسف الدستور العراقي الدائم المستفتى عليه من قبل الشعب والمصدق من قبل البرلمان العراقي عام 2005، بموجب مواده القانونية لم يحدد النسبة المطلوبة في حدها الأدنى، لقبولها شعبياً لتشكيل حكومة حقيقية تمثل أرادة حقيقية تضمن وتؤمن حقوق الشعب العراقي جماهيرياً.
المشاركون في الأنتخابات:
كما هو معلوم للداني والقاصي من المتابعين للحدث الأنتخابي في عموم البلد، الشعب عامة عكف عن المشاركة في الأنتخابات لعامي 2018 و2021، مستثنى منه الميليشيات وأعضاء أحزابهم الفاسدة العاملة في مؤسسات النهب والسلب القائمة الحاكمة، ضمن وزاراتهم المحاصصاتية الطائفية والقومية العنصرية، والشاملة للجيش والشرطة والأمن والمخابرات والأستخبارات الحاضنة والخاضعة للسلطات الفاشلة الفاسدة بأمتياز، فجميع هؤلاء هم من مخلفات النظام الصدامي الدكتاتوري الفاشي، كونهم أعيدوا الى وظائفهم ومؤسساتهم عبر مساومتهم للغض عن ممارساتهم السابقة، في ظل النظام الصدامي البائد الظالم والضاغط والمنتهك لحقوق الشعب العراقي، لعقود من الزمن القاسي بحروبه المتواصلة داخلياً وخارجياً.
كل هذا جرى ويجري بالضد من أرادة الشعب العراقي وأنتفاضته التشرينية الخالدة المنبثقة في الأول من تشرين الأول عام 2019، والتي أستمرت أكثر من عام، تلك الأنتفاضة الخالدة وليدة شرارة المظاهرات والتظاهرات المنبثقة منذ عام 2011، من خلال شعارها الوطني الخالد ( نريد وطن)، هذه الأنتفاضة التشرينية الشعبية الخالدة ليست وليدة اليوم، بل كانت لها وجودها الحاضر لنضال مديد للشعب العراقي، في مقارعته وعدم قبوله بالأساليب الهمجية والوحشية المرتكبة، من قبل الأنظمة الدكتاتورية الفاشية الفاشلة منذ عقود عديدة خلت، دفع الشعب العراقي بقواه الوطنية والديمقراطية، وخاصة اليسار منه بشكل رئيسي وفي مقدمته الشيوعيين العراقيين، هؤلاء المناضلون المضحون بالغالي والنفيس، دفعوا ضريبة الدم السالية لشبيبته النضالية الوطنية الجسورة المقارعة للظلم والظلام، فلا زالت تدفع دماء جديدة لخلاص الشعب من عبودية السلطات الأستبدادية المتعاقبة لأكثر من ستة عقود خلت.
حيث قدمت الأنتفاضة التشرينية الخالدة أكثر من 800 شاب وشابة في بغداد العاصمة وبقية المحافظات الجنوبية الخالدة، ولأكثر من 5000 معوق و25000 جريح من أجل الوطن الخالد لشعبه المنتصر لا محالة، بغض النظر عن الفترة الزمنية للأنعتاق من الوضع المأساوي الشعبي الذي يمر به شعبنا العراقي، ناهيك عن حَجَرِهِ الوطني المُدمر.
النتائج الملموسة:
بعد مرور أكثر من نصف العام من الأنتخابات الفاشلة وحركتها الفاسدة وأدائها المقيت المعاكس للفكر الديمقراطي ونهجه المطلوب، بالعمل الفعلي، بصراع قائم، لأصحاب النفوذ ومحبي السلطة الفاسدة الفاشلة، لعقدين من الزمن الغابر في ظل الأحتلال الأنكلوأميركي، والتدخلات المستمرة في الشأن العراقي، ودعم الفاسدين لطُلاب السلطة الغاشمة من قبل دول الجوار، خاصة أيران ودول الخليج وتركيا دون وجه حق، بل تجاوزاً صارخاً على حقوق الشعب والوطن.
حيث تقاسمت القوى الطفيلية الطائفية والعنصرية القومية، الكيكة العراقية دون حسيب ولا رقيب، على حساب قوت الشعب ومستقبله المغيب وتعليمه وصحته وحياته الأنسانية المنتهكة، من قبل الطبقة الفاسدة السلطوية المتعاقبة قبل الأحتلال عام 2003 وما بعده بعقدين من الزمن الدامي القاتل والمهجر عنوة، بأساليب مدانة دامية وخاطفة ومبتزة بطرق ووسائل خبيثة متنوعة ومتعددة منتهكة لحقوق الأنسان العراقي.
كل هذا وذاك جرى ويجرى أمام نظر ومسمع قوى الأحتلال البغيض دون أن يحرك ساكناً، بل والعكس هو الصحيح، فالكلام الفارغ الفاضي عن الديمقراطية، هو مناقض تماماً بموجب الأفعال القائمة على أرض الواقع، حتى وصلت الأمور الى الفوضى الخلاقة كبديل للديمقراطية المعلنة زوراً وبهتاناً.
في يوم 6 نيسان أنتهت المدة القانونية الدستورية بعد فشل البرلمان لأنتخاب رئيس الجمهورية في محاولتين متباينتين لألتئام شمل أعضاء البرلمان، دون حضور الأستحقاق المطلوب ثلثي الأعضاء، وفق العدد الفاعل 220 عضو موافق على رئيس الجمهورية المفترض أنتخابه من مجموع 329 عضو برلماني، هؤلاء المنتخبون بطرق ووسائل خارجة عن النزاهة والشفافية واللياقة الأدبية، بغية تمثيل الشعب العراقي وخدماته المطلوبة أدائها بأسط صورها ولو بحدها الأدنى هم فاشلين لا محالة.
الكوتا المسيحية:
باتت الكوتا المعلنة للمكون القومي الكلداني الأصيل المظلوم من جميع الجوانب وخاصة الأنسانية منها بأنتهاكها بشكل سافر ومريب، وهي مناقضة تماماً للدستور العراقي المستفتى عليه عام 2005، بموجب المادة القانونية 125 منه، حيث ما هو معلن للعمل وفقه، بما يسمى (المكون المسيحي) فالأخير مخترق بأمتياز، من قبل الغير المسيحيين مدعوم بأصوات الطفيليين المساومين المستغلين لهذا المسمى الفاشل الطائفي المدان. لذا!! وعليه نطالب بتغيير الكوتا الطائفية المقيتة، الى كوتا قومية وفق المادة الدستورية 125، وليس كوتا مسيحية مخترقة من قبل الطائفيين ومبتذلة من قبل شعبنا القومي الكلداني العراقي الأصيل عبر التاريخ القديم والحديث معاً.
كوتا النساء:
هذه الكوتا مطلوبة من حيث المبدأ، ولكنها هي الأخرى مخترقة ومستغلة من قبل الأحزاب الطفيلية الطائفية المقيتة، عليه يتطلب تفعيلها وعدم التأثير عليها وأستحواذها والسيطرة عليها من قبل حذالات السلطة القامعة للشعب وخاصة المرأة، وهذه مخالفة تماماً للوطنية الديمقراطية بشكل كامل.
كما المطلوب بزيادة نسبتها بما لا يقل عن 40% بدلاً من الحالي 25%، لأنصافها الى حد ما!، كونها تمثل أكثر من نصف المجتمع العراقي.
وهنا على المرأة أن تثبت وجودها وأفعالها العملية على المجتمع من أجل تغيير وضعها المعقد والمستباح، ومن أجل تغير الواقع المتردي والسيء للغاية، نحو الأفضل المتجدد والمتطور والمتقدم بأستمرار..
العلاج:
1. الضغط الشعبي المتواصل بأجراء أنتخاب مباشر لرئيس الجمهورية، من قبل الشعب العراقي بعد الغاء البرلمان، والرئيس يمتلك صلاحية تشكيل حكومة انقاذ وطني تعمل لعامين فقط، على أن يحكم العراق الرئيس الجديد المنتخب لمدة أربعة أعوام.
2. يقوم الرئيس المنتخب بتشكيل حكومة أنقاذ وطني، تهيء الألية السليمة لأجراء أنتخابات حرة ونزيهة خارج التدخلات الأقليمية والدولية، تنتج برلمان وطني له صلاحيات تشريع ورقابة الحكومة المنتخبة من البرلمان النزيه مدتها 4 أعوام فقط.
3. تعمل الحكومة والبرلمان معاً، أنهاء نظام المحاصصة الطائفية والعنصرية القومية، ودور الأحتلال الأنكلوأميركي ودول الجوار الأقليمي التدخلي في الشأن العراقي بشكل سافر، بغية بناء دولة الوطن والمواطنة من خلال ثورة الشعب الوطنية الديمقراطية تعمل لتحقيق سيادة وطنية مستقلة وغير أستبدادية، تحقيقاً للعدالة الأجتماعية تعي حقوق الأنسانية العراقية في كافة مجالات الحياة.
4.كل هذا أعلاه لا يتم تفعيله، الاّ بتفعيل الأنتفاضة الشعبية وتواصلها بتجدد التشرينية الباسلة، للهيمنة على الشارع العراقي ومصالحه الأنسانية الوطنية، لأنهاء دور الطبقة الطفيلية الفاسدة الفاشلة الحاكمة، رضوخاً لأرادة الشعب العراقي المحب للتغيير السلمي الجذري لعراق جديد معافى متطور ومتقدم نحو الافضل.
منصور عجمايا
حزيران 2022