18 ديسمبر، 2024 6:27 م

الأنبار .. نحو أب واحد للنصر

الأنبار .. نحو أب واحد للنصر

لأننا سبق أن لدغنا من نفس الجحر عدة مرات لا مرة واحدة فإن وصول “مسج” عبر الهاتف أو من خلال “الفيس بوك” يعلن بدء تحرير الأنبار لم يعد كافيأ للإطمئنان. الحاجة تتطلب التأكد من المواقع الرسمية والبيانات الحكومية وإذا بكل الأخبار متطابقة هذه المرة الى حد بعيد. ثبت عيد إذن. ومع إنه بالعرف العسكري ومنذ معارك بدء التاريخ حتى في عصره الجليدي بأن  الحرب خدعة فإن هذه المعادلة تبدو مقلوبة لدينا تماما. فنحن لا نكتفي بعدم خداع العدو بل كثيرا ما منحناه فرصا ذهبية لخداعنا وهو ما حصل قبل شهور بالأنبار ذاتها.
فطبقا لتصريح أطلقه مسؤول محلي عن بدء ساعة صفر معركة تحرير الانبار وإذا قبل أن يرتد الى القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي طرفه وجد جسر بزيبز يطوف بالاف المواطنين المتوجهين الى بغداد من الرمادي بعد أن سقطت  وبكل بساطة بعد هذا التصريح “الفطير” بيد داعش. العبادي في بغداد تعهد كالعادة في محاسبة  المقصرين “المجهولين” بينما وقف الرئيس الأميركي باراك أوباما في حديقة الورود في البيت الأبيض معلنأ إن ما حصل بالرمادي كان “إنتكاسة”. حتى الآن لم يعن أحد أبوته لتلك الإنتكاسة. يبدو أن تخفيف اللهجة من قبل اوباما انقذ الموقف. فالتوافق السياسي يمنعنا من تحميل الهزيمة حتى لاب واحد. لا يهم إن كان شرعيأ أم غير شرعي.
اليوم وطبقا لمجريات المعارك الدائرة في محيطي الرمادي والفلوجة  فإن النتائج المتحققة تشير الى أن بوادر النصر بدأت تلوح بالإفق في حال إستمر الزخم على ما هو علي وعدم حصول مفاجأة سواء في قاطع آخر أو بخدعة داعشية في  قاطع الانبار نفسه. ولأن الناس وحتى العملية السياسية نفسها لم تعد تحتمل المزيد من الهزات الأمنية والسياسية معأ فإنه في الوقت الذي يتطلب الامر توحيد المواقف فضلا عن الجهود لتحقيق نصر فعلي تتحرر فيه كل محافظة الأنبار من داعش فإن ما لانتمناه أن تبدأ بعد أن تضع حرب التحرير أوزارها المزايدات السياسية قبل العسكرية بشأن من كان له قصب السبق في النصر وإستحقاقاته.
ربما ثمة من يقول .. دعنا ننتصر اولا ومن ثم يحلها “الف حلال” ولكني اقول سبق ان انتصرنا في صلاح الدين وإذا بالعديد من القصص الجانبية ظهرت أمامنا كادت ان تسرق فرحة النصر بدء من حكاية “الثلاجة” وإنتهاء بتعددية آباء النصر وصولا الى قضية مسك الأرض وعودة النازحين والمهجرين وتأمين الخدمات. ولعل السؤال الهام الذي يطرح نفسه هنا هو .. ما قيمة الحديث عن تقدم هنا أو أخذ هذا الموقع أو ذاك مقابل الدماء التي سقت وسوف تسقي أرض الأنبار في سبيل تحريرها من تنظيم داعش ومن ثم وتسليمها الى أهاليها بدون مزايدات سياسية أو إحتكاكات إعلامية؟ أتوقع أن يحصل ذلك لأن هناك من يعد العدة من الآن ممن لايريد أن تفوته فرصة المشاركة في معركة لم يتنازل حيالها عن ربطة عنقه الحمراء وقمصانه الوردية او الزرقاء . لايهمه ان ينطبق عليه مثلما انطبق على “الرعنة” التي تاتي “تهلهل” لكن بعد ان “يخلص العرس”.