23 ديسمبر، 2024 1:16 ص

الأنبار: قبل أن يسرقوا نصرك ويطفئوا شُعلتك..؟!

الأنبار: قبل أن يسرقوا نصرك ويطفئوا شُعلتك..؟!

حين كانت إيران ومليشيات المالكي تهرب اضطراراً من مدينة الفلوجة ومحيطها في الغرب العراقي، كان الطيارون والمدفعيون الإيرانيين- التبعية والولاء- يقصفون قرى الفلوجة والرمادي، وبدلاً من أن يرى البعض هذه الحقيقة بوضوحها الصارخ، فقد ارتفعت الأصوات تطالب بضمان أمن الفلوجة وأهلها، حتى لظن البعض أن الفلوجة ليست عراقية وأن أهلها من سريلانكا.!. بعيداً عن الصراخ والشراك والأكاذيب، لنحاول أن نرى الحقيقة وأن نقرأ جيداً ما يريد البعض ممن يتحدثون الفارسية بالعربية وما تريد بلاد فارس.

الفلوجة والرمادي كما بقية مدن العراق جزء محتل من قبل نظام الملالي ووكيله المالكي. أهلها عراقيون من دون التوقف قليلاً أو طويلاً عند ديانتهم أو مذاهبهم. وقد اضطرت إيران إلى الفرار منها بما دفعت وتدفع من ثمن باهظ للاحتلال يصيب صورتها ويسقط هيبتها وأوهامها.

غير إن إيران المضطرة للهرب من أرض الأنبار لا إيماناً بالسلام ولا حباً بالأنبار بل من أجل حماية جنودها، تحاول أن تبيع هروبها غالياً مرتين:

مرة أمام العالم بإظهار رغبتها المزيفة بسلام يؤكد سلوكها أنها غير مؤمنة به ولا هي مستعدة بعد أن تدفع ثمنه.

ومرةً أمام العراقيين والعرب بإظهار استعدادها لسلام القطارة، وتعطي دليلاً عليه انسحابها وهو (فرار) من الفلوجة. ثم هي تطالب ثمناً غالياً له بتجميد أعمال المقاومة العراقية.. أي وقفها.؟!.

من جديد تحاول إيران من خلال المالكي أن تلعب لعبتها القديمة، فهي تتوقع من انسحابها أن يخلف وراءه صراعاً بين الأنباريين، موالاة ومعارضة، متدينيين وقبليين، فيغدو انسحابها- أي قوات المالكي بقيادة إيران- مشكلة للأنبار بدلاً من أن يكون احتلالها وتدميرها لها مشكلة.. وتغدو المقاومة الوطنية مشكلة عراقية بدلاً من أن تكون مشكلة إيران والمالكي ووكلاءه (حلف الغادرين) هاجسها.

الكرة الآن في ملعب الأنباريين. عليهم إسقاط فرضية حكومة حلف الغادرين التي تحتل الأنبار والتي توحي للمجتمع الدولي على أن احتلالها للأنبار أكثر شرعية من المقاومة الوطنية.

كيف..؟..

بإسقاط كل الأسباب الإيرانية لإشعال الفتنة النائمة. فأهل الفلوجة كأهل الرمادي، وتحرير الأرض والثروات هدف مشترك لكل فرقاء الحياة المشتركة. أما الخطر الذي يتهدد أهل الأنبار فو كالخطر الذي يتهدد كل محيطها البغدادي وجوارها العربي: إنه الخطر الفارسي، سواء منه الخطر المباشر أم خطر العملاء المبثوثين هنا وهناك والمزروعين في أرض العراق- الأنبار بهويات مختلفة: حكومية وصحوة وداعش ودينية وقبلية وليبرالية ومناطقية، فالخيانة هي الخيانة، لا دين لها ولا طائفة، وهي بالتالي لُب القضية المطروحة. أما أهل الأنبار الذين يتصدون لعدة هجمات محلية وخارجية لهم الحق في أن يعيشوا آمنين من خطر الفتنة بوجهيها: الفارسي المحتل البغيض، والعميل المُدان مهما كانت هويته.

المستعجلون هنا أو هناك على قطف النصر أو إطفاء شُعلته من خلال سلام الاستسلام سيكتشفون قريباً أنهم يراهنون على الخداع ويقتاتون الوهم. شيئان يمكن أن يحققا للعراق والأنبار خصوصاً تحرير أرضه في نهاية المطاف والأمر، واستعادة دوره:

استمرار كفاحه والمقاومة.. وكثير من التسامح والبعد عن التشنج والاتهام على طرفي الحياة المشتركة..

واستمرار وحدة مساره ومستقبله ومصيره مع الثورة في سورية.

ولنذكر جميعاً أن القضية في نهاية الأمر ليست قضية الجلاء عن الأرض فحسب، بل ومستقبل البلاد والمنطقة. وفي هذه النقطة فإن وحدة المسارين هي مجرد تعبير مرحلي، أما ما هو أبعد وأعمق ومستقبلي في صراع الإرادات فهو صورة المنطقة في ما بعد النصر والعفو الذي يفترض إعادة صياغة الواقع والأدوار والمصالح.

العراق بثورته وسورية بثورتها معاً قوة تستطيع أن تقاوم وأن تفوز وأن تحمي مستقبل البلدين. العراق وحده الذي يريده البعض منفرداً ومستقلاً في المواجهة سوف يعني سقوطه الأخير ونهايته، وفقدانه هويتيه: هوية التعايش ونؤكد عليها، وهوية العروبة. وكلاهما التعايش والعروبة، أساس في تكوين العراق الحديث الذي يسقط بغيرهما، ويستمر بهما معاً. لنذكر ذلك جيداً.