23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

الأنبار.. بحاجة الى معلم تأريخي يزّين واجهتها

الأنبار.. بحاجة الى معلم تأريخي يزّين واجهتها

بقيت محافظة الأنبار حاليا و(لواء الدليم) سابقا ، ومدينة الرمادي الحالية ، مركز المحافظة ، بلا معلم تأريخي أو نصب أثري يزّين واجهتها ، كرمز وطني يشير الى مآثر تلك المحافظة وأدوارها عبر التاريخ الضارب في أعماق الحضارات العراقية، وكأن من يدخلها لايجد أي نصب أو معلم تأريخي يشير الى عراقة هذه المحافظة وتاريخها المليء بالمفاخر وبطولات الرجال الأفذاذ ، وهم محل فخر العراق والعرب والإنسانية أينما حلوا!!

وما يحز في النفس ، ويثير الأسى والإستغراب، أن كل محافظات العراق فيها معالم تاريخية ودينية تفتخر بها ، وتشكل معلما للسياحة والآثار ولإظهار المكانة ، إلا في محافظة الأنبار ، حيث لم يلتفت القائمون عليها منذ عقود ، لإظهار مفاخر محافظتهم ورموزها الكبرى على مر التاريخ ، بالرغم من أن أغلب مؤرخي العراق والمهتمين الكبار بأنساب عشائرها هم من أهل الأنبار!!

بعض المؤرخين يشير الى أن الأنبار كانت تسمى في عهد الاحتلال الفارسي بـ “فيروز شابور” وتعني باللغة الفارسية ” شابور المنتصر” ، وكان اليونانيون والرومان القدماء يسمونها قبل إستيطان الفرس لها ” بيرسابورا”.

وقد أنشأت مدينة الانبار عام 350 بعد الميلاد على يد الأمبراطور الساساني “شابور الثاني” ملك فارس ، وكانت تقع ضمن محافظة أشورستان، ثم أحرقت المدينة بيد الأمبراطور الروماني يوليان في نيسان/ 363 (ب.م) خلال غزوه الإمبراطورية الساسانية. وأصبحت المدينة ملجئأ للعرب والمسيحين واليهود.. وطبقاً للمصادر التاريخية العربية فأن قسم من سكانها هاجروا شمالاً ليؤسسوا مدينة الحضر جنوب الموصل، وهناك الكثير من عشائر الانبار يقطن محافظة نينوى حاليا ، وهم من تتفاخر بهم تلك المحافظة في سعيها لإستعادة وجهها العروبي الجميل!!

وتشير كتب التاريخ القديم ايضا الى أن مدينة الأنبار القريبة من الصقلاوية الآن هي نفسها مدينة اليهود البابلين (نهاريا) ، كما تجاور مدينة بامديثيا اليهودية القديمة، وتقع على مسافة قريبة من مدينة الفلوجة الحالية.

وفي العصر الإسلامي تم فتح الحيرة عام 11 هجرية ، وأنتظر المسلمون سنة كاملة حتى أذن لهم الخليفة أبو بكر الصديق بالتقدم الى الأنبار لاخضاعها للدين الإسلامي ، وتقدم جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد ، فلما علم أهل الأنبار بزحف المسلمين حفروا خندقاً وتحصنوا بأسوار المدينة وهم ينتظرون قدومهم . وجرت بين الطرفين معركة الإنبار عام 12هجرية الموافق 633 م ، والتي لم تسفر كما يقال ، عن نصر حاسم لأحد الطرفين، فطلب أهلها الصلح فصالحهم خالد بن الوليد، ثم توالت أخبار انضمامهم الى الإسلام ، وكانوا خيرة من دافعوا عنه فيما بعد ، وما زال أهل الانبار يضعون للدين الإسلامي إعتبارهم الأول وهو في مقدمة قيمهم العليا التي يعشقون، وظهر منهم علماء وأعلام إجلاء قدموا للدين الإسلامي الكثير مما يفخر به العرب والمسلمون اليوم .

ويشير بعض المؤرخين الى إسم المدينة الأنبار على أنه (أسم فارسي) معناه المسستودع أو (العنبار) ،أثناء اتخاذ الفرس للأنبار قبل الإسلام معبرا منها الى الشام، ثم اعاد البطل العربي خالد بن الوليد إفتتاحها ، وقد إتخذها لاحقا مؤسس الدولة العباسية أبو العباس السفاح في عهد الدولة الإسلامية عاصمة له، وبقيت عاصمة لأخيه وخليفته أبو جعفر المنصور حتى بناء مدينة بغداد سنة 762 م ، وبقيت المدينة محافظة على أهميتها طوال العصر العباسي.

ومن خلال الدلالات التاريخية في العصر الاسلامي ، فأن ثلاث شخصيات مهمة يمكن أن تكون رموزا للمدينة ، منهم المقاتل العربي البطل العربي خالد بن الوليد وسيفه المسلول ، وفاتحها من بعده أبو العباس السفاح ، ومن إنطلق منها الى بغداد أبو الخليفة جعفر المنصور باني بغداد .. كل تلك الرموز الاسلامية الكبيرة يمكن أن يتم إختيار واحد منهم ليكون رمزا لواجهة الأنبار..وكلهم فرسان ورجال صيد ، لهم شأن كبير في تأريخ العراق، وبخاصة القائد الكبير للفتح الإسلامي خالد بن الوليد ، ويمكن أن يقام له نصب بمدخل محافظة الأنبار من جهة طريق بغداد أو نصب للخليفة أبو العباس السفاح الذي إهتم بالانبار وأعلى شأنها ، وهو من خيرة خلفاء بنو العباس ، أو أن يتم إعتماد “الدلال العربية ” بمدخل المحافظة، كرمز تاريخي لكرم وضيافة أهل الانبار ، وفق بناء حضاري شامخ وضخم وحديث التصميم وبه ساريات أو أقواس تزين المعلم التاريخي بالعلم العراقي، يتقدمهم نصب للبطل العربي خالد بن الوليد ، الذي يكن له العرب والمسلمون في مشارق الارض ومغاربها كل تقدير ومحبة وإحترام، لما أداه من أدوار بطولية رائدة في الفتح الإسلامي!!

وكلنا أمل ، بأن يأخذ القائمون من أهل الانبار ورموزها وشيوخها الأجلاء ونخبها المثقفة هذا المقترح على محمل الجد ، ليرى النور في وقت قريب، وبخاصة أن لديهم ساسة في أعلى سلطة القرار ونواب وشيوخ أعلام ورجال دين أجلاء، ليشاركوا بجلسات حوارية ، تخدم مقترحنا هذا ، من أجل أن نعلي شأن الأنبار، لتضاهي المحافظات الأخرى في الإهتمام برموزها وآثارها ومعالمها التاريخية والدينية ، إن أريد للأنبار ان تستعيد مكانتها وينظر اليها بما تستحق من مكانة، وكلنا ثقة بأن محافظ الانبار الدكتور علي فرحان الدليمي وشخوص المحافظة البارزين ، وبخاصة النائب عبد الله الخربيط ، ونواب الأنبار الآخرين وشيوخها ووجهائها ونخبها الكريمة ، سيتجاوبون مع هذا المقترح الذي قدمه لهم أحد أعلامهم من مخضرمي الأسرة الصحفية والبحث الإعلامي ، وله مؤلفات نالت ثناء وتقدير الكثيرين من نخب إعلامية وسياسية وثقافية ، وهو من أحد عشائرهم الرائدة (البوذياب) التي تكن لها عشائر الأنبار وعشائر العراق الاخرى كل تحية وتقدير ، ويتقبلون بكل رحابة صدر ملاحظاتنا هذه ..ومن الله التوفيق!!