منذ أن بزغ فجر الانبار، كانت تلك المحافظة، ذات الطابع العشائري ، إحدى الواحات الخضراء للسلام والإستقرار ، وموئل الفضيلة وكل قيم الخير والبطولة والكرم العربي ، وهي ترفل بكل معالم العز والكبرياء والألق العربي، بشيوخها ووجوها ونخبها المثقفة، التي برزت منها أعمدة العراق طوال سني حكمه الرشيد!!
كانت قامات الأنبار ، التي يطلق عليهم ( إخوة هدلة ) ، محل فخر وتقدير كل عشائر العراق، ورفعة رأسه، وهم من يعتمد عليهم الكثيرون مجددا، في رسم معالم وبناء دولة العراق الحديثة، بعون الله !!
والأنبار، هي الواحة الخضراء التي وهبها الله بكل الثروات التي بإمكانها أن تتحول من محافظة ، الى مرتكز للإعمار والتنمية والبناء الشاهق ، وربما تكون قبلة العالم ، وسلته الغذائية ، لو تم إستغلال قدرات أبنائها ومعادنها الثمينة كالغاز والفوسفات وبقية الثروات النادرة، وهي التي وهبها الله وفرة مياهها وخصوبة أرضها وخبرات أهلها ، وبإمكانها أن تكون قلاعا للصناعة والطاقة والزراعة، وتصبح تلك المحافظة أنموذجا لدول المنطقة، وواحة عامرة بالخير والتنمية والإستقرار ، وكل معالم العمران الشاهق ، إن توفرت لها الإمكانية لأن تستعيد مكانتها من جديد!!
ولم يكن بمقدور من أداروها ، أن يتجاوزا مقامات أهلها ورموزهم العالية ، ولا تلك القيم الرفيعة التي إختطها شيوخ الانبار وعلية قومهم، وأبقوا على فاصلة بينهم ، وبين أهل الأنبار، تميز كل واحد منهم، على أنه علم قائم بذاته، في إطار اعلاء وحدة العراق واستقراره وفي الإسهام بتوفير أمنه ورفاهية شعبه، وهم القمم الشماء التي بقي أعلامها رموز شامخة، ليس بمقدور كائن من يكون، أن يغطي شمسهم بغربال!!
لقد توفرت الان ربما الظروف الملائمة لعودة علية القوم ونخب المحافظة من اجل إعادة هيبة محافظتهم ، من خلال عودة وجوهها وشيوخها البارزة، بعد أن فعل بهم ظلم الزمان الأغبر اللعين ، مافعل، وهم يحاولون ان يرسموا معالم نهضة محافظتهم من جديد!!
أنظار كل العراقيين تتطلع الى أهل الأنبار، والى شيوخهم ووجهاء قومهم ونخبهم الإعلام وكفاءاتهم العامرة بحب العراق ، لأن يعلو البنيان ويشمخ لواء الانبار ، الذي كان في يوم ما يسمى بـ ( لواء الدليم) ، وهناك فرحة غامرة تستبشر الخير والصلاح ، لأن يكون بمقدور الانبار ، أن تعلي ناصية مجدها وفخارها ، لكي تعيد الألق العربي الى سابق عهوده العامرة بكل مايرفع الرأس ، ويحفظ لأهل العراق معالم عزهم ونهوضهم، لكي يستعيد العراق عافيته من جديد!!
أما (الزعامة) التي ظهرت مفاهيمها في السنوات الأخيرة، ويحاول الآخرون (اللهات) وراء سرابها، فلم يكن في تفكير أهل الانبار اطلاق ( مصطلحات) و (مفاهيم) من هذا النوع، فهم أكبر من كل تلك (المسميات) ، بعد إن راح كل من هب ودب لان يطلق عليى نفسه ( زعيما) ظنا منه أن بامكانه أن يتجاوز أقدار تلك الاعلام البارزة ، او يقيم له ( وزنا) وبعض هؤلاء (الأوزان) من لم يعرفه أحد طوال تاريخ المحافظة، واذا بالطارئين ومن كانوا يعتاشون على المعونات ، واذا بهم يصعدون على الأكتاف ، ظنا منهم ان بامكانهم أن يكونوا (مثابات) وما دروا أن التلال ورمالها المتحركة ليس بمقدورها ان تتحول الى جبال وقمم عالية، في غفلة من الزمان!!
ومن معالم النهوض الجديد في الانبار أنها شهدت مؤخرا ، ولأول مرة ، ظاهرة غير مألوفة من قبل، من خلال تصاعد نبرات قوى شخصيات معارضة ، لما يجري في الأنبار ، أو هكذا تتحدث عنها تلك القوى والشخصيات، وهي مكونة من نخب مثقفة وشيوخ ووجهاء عشائر وأساتذة جامعات ، عرضت توجهاتها مؤخرا ، عبر قنوات فضائية ومواقع إخبارية ، تتصدر المشهد السياسي الجديد الذي يسعى الى رسم عالم (سترتيجية) جديدة لعودة أهل الانبار الى المكانة التي تستحق ، وهي ظاهرة لم تألفها هذه المحافظة منذ تأسيسها حتى الآن!!
لقد عانت نخب الأنبار وقيادتها المثقفة، وجلهم في بغداد، أو من هم الان يتحركون من خارج المحافظة ، من مظاهر غريبة عن سلوك اهل الانبار ، وأن هناك الكثير من تلك النخب والكفاءات ، ممن لهم شأن كبير في رسم معالم (ستراتيجات الأنبار) وسبل النهوض بها ، جرى (التعتيم) عليهم منذ سنوات ، ولم يتم إشراكهم او الإهتمام بما يطرحونه من وجهات نظر ، ذات قيمة عليا ، كونهم خبراء سياسة وإعلام وإدارة دولة ، ولم ( يلتفت ) أحد من كبار سلطة المحافظة، أو من سياسييها ونوابها ، الى أدوار تلك النخب والكفاءات العليا ، أو الإطلاع على وجهات نظرهم (الستراتيجية) التي تطرح عبر الإعلام، ومنابر مراكز بحثية، من أجل تطوير واقع المحافظة والإسهام في إستعادة دورها القيادي والمؤثر في مستقبل العراق والمنطقة، لكي يتم ضمهم الى جانب قيادة سلطة المحافظة ، والإستفادة من خبراتهم القيمة، ولكي يسهموا بإدارة مستقبل العراق ومستقبل الانبار ، والتخطيط لمواجهة (ستراتيجات تحرك) تعيد لأهلها وشعبها الهيبة والمكانة التي تليق بها، أمام توجهات قوى (مسعورة) لاتريد الخير لأهل الانبار، وتعرقل كل مسعى لأن تظهر الأنبار، وهي أكثر عزيمة وقدرة على أن تصنع مستقبلها بعقول أبنائها الغيارى المخلصين ، الذين لم يشارك الكثيرون منهم ، في إدارة محافظتهم، بأي شكل من الأشكال!!
ويرى متابعون للشأن العراقي أنه برغم أن وجود مظاهر لأصوات (معارضة) في محافظة الأنبار ، بدأت تعبر عن توجهاتها بجرأة، وعبر قنوات فضائية ، تعد ظاهرة صحية ، عبر إستخدام وسائل الديمقراطية وأدواتها، لكن سرعة إنتشار تلك المظاهر تؤكد أن احوال المحافظة ليست على مايرام ، بل هي ليست كما يتم تصويره في الإعلام، على أنها تعيش (الأمن والإستقرار) و(موحدة القوى والتوجهات) ، وأن هناك أصواتا بدأت تعبر عن وجهات نظرها ، وتؤكد من خلال المنابر الإعلامية التي تظهر فيها أنها تعبر عن سخطها وغضبها ، لأن هناك (ممارسات دكتاتورية) ، كما تصفها شخصيات كثيرة، تصاعدت في الآونة الأخيرة، وأحاديث عن (الإستفراد بالرأي) من قيادات عليا ، تضغط على المحافظ السيد علي فرحان، ولا تبقي له أي دور في تسيير أمر المحافظة، وتظهر وكأن المحافظ الحالي لاحول له ولا قوة ، وليس لديه أية قدرة على مواجهة طغيان قوى سياسية أكبر حجما منه، وهي من تدير المحافظة ، خارج إرادة أهلها، والمحافظ ليس لديه الإمكانية ، كما يقال، لمواجهة ما يتعرض له من ضغوط، ترغمه على السكوت، عما يجري من إستحواذ على دوائر المحافظة وعلى تهميش شخصياتها ووجهوها، كونه هو (المستفيد)..(ومناصب المحافظة) يتم (الإستحواذ) على مقدراتها دون علمه ، وتقتصر على حزب بعينه ، أما نخب المحافظة وكوادرها الجامعية ، فلم تخف قلقها من أنها تعيش حالة إستبعاد وتهميش واقصاء، بحسب ما أدلى به شيوخ عشائر وأساتذة جامعات من على منبر قناة البغدادية، التي راحت منذ أكثر من إسبوع ، تبحث عن كل صوت معارض في تلك المحافظة ، ليتحدث أمام الملأ ، عما تعانيه محافظة الانبار من (إستبعاد) لإدوار شخصياتها المؤثرة و(تغييب) نخبها المثقفة، كما يقال!!
وما يؤكد توجهات تصاعد نقمة المعارضة وإتساعها في محافظة الأنبار ، أن محافظها السيد (علي فرحان)، لم يرد على تلك الشخصيات ، ولا عن إتهامها له بأنه (مسلوب الإرادة) ، وهو غير قادر على مواجهة ضغوط تمارس عليه، لاتبقي له أي دور، وتلك الجهات التي هي في الغالب من خارج مدينة الرمادي، من تمارس أساليب (دكتاتورية) ، يخشى الكثير من أهل الأنبار، أنه قد لايكون بوسعهم إيقاف تدهور أحوالها، إن بقيت الأمور على تلك الشاكلة من الإستفراد بالسلطة والقرار، والمحافظ (مرغم) ، كما يقال، على السكوت، وهناك أحاديث عن (صفقات مناصب ومسؤوليات) تدار بغير علم أهل الانبار، الذين أصبحوا لاحول لهم ولا قوة ، وقد إضطرت بهم الأحوال، كما يقولون، لإن يجدوا في بعض الفضائيات من يروج لأفكار قوى معارضة جديدة، لم تكن مألوفة، ولم يجرؤ أهل الانبار على أن تظهر خلافاتهم الى العلن، كما هو الواقع الذي يصفونه بـ ( الخطير) ، وأمور المحافظة قد تخرج عن السيطرة ، إن تصاعد الرفض الشعبي ، على هذا المنوال!!
وهناك من يؤكد أن قوى في الاطار وربما جماعات مسلحة لديها (سلطة) داخل المحافظة ، هي من تتحرك على شيوخ ونخب أهل الانبار ، وتجد في رغبات بعض من تعرضوا لعمليات ملاحقة او حرمان من المناصب، فرصتها لتهييج الشارع في الانبار، لكي يعبر عن توجهاته المعارضة ، لمحاولات (إقتسام السلطة) و ( الإستفراد) بمناصبها العليا ، عبر شخصيات تعد على أصابع اليد الواحدة، بينما أهل الأنبار وأساتذتها ونخبها والكثير من كوادرها راحت تتخذ من الإعلام وسيلة للتعبير عن رؤاها وتوجهاتها، وتشكو من أن أحوال المحافظة ليست على مايرام، وإن مظاهر التعبير عن الرفض الشعبي ، لما يجري من أساليب تعد من وجهة نظرهم (دكتاتورية) هي مرفوضة ، إذ أن (ترويض) أبنائها بهذه الطريقة ، يعكر المزاج الشعبي ، وهم لايريدون الإنحياز لإية قوة سياسية أو التخندق خلفها ، على حساب جهات أخرى، لمصالح شخصية و(تفرد) بالقرار ، وهي ظاهرة تنذر بمخاطر أن (تنقلب) أحوال المحافظة ، بالاتجاه الذي قد لايسر في كل الأحوال!!
ويرى مراقبون أن عودة قوى سنية بارزة ومؤثرة ، ومنهم الشيخ علي حاتم السليمان الملقب بـ ( أمير الدليم) وهو من أصل وفصل ، ويعرف عشيرته وقاماتها القاصي والداني ، وكذلك عودة رافع العيساوي وآخرين ، لابد وأن تعيد (ترتيب خارطة الطريق) في الأنبار، وتعيد هيبة المحافظة ومكانتها ، ولن يكون بوسع القوى الأخرى التي تتهم بأنها كانت (تتحكم) بمصير أهل الانبار ومستقبلهم، أن (تستفرد) مرة أخرى بهم، وهم يأملون وضع حد لعهد (الهيمنة) و (الإستفراد بالقرار) من قبل شخصيات ظهرت الى الساحة في غفلة من الزمان ، واخرى جاءت من خارج المحافظة كانت تتواءم مع توجهات الأغراب والطامعين معهم في اقتسام الغنائم، تريد فرض وصايتها عليها، وهو ما لا يسمح به أهل الأنبار، بكل تاكيد!!
تحية لأهل الانبار، الذين يريدون إعلاء شأن محافظتهم، وإعلاء مكانتها ودورها الريادي ، تلك المحافظة التي كانت نخبها وكفاءاتها، هي من تدير حكم العراق لقرون، وهي من أرست معالم عز وازدهار على مدى عقود طويلة ، يشهد لهم كل أخيار العراق والعرب، بأنهم قاماتها العالية المقام، وهم أهل علم وادارة وقيم عليا، يساندهم شيوخهم الأصلاء ووجوه قومهم، الذين لن يطأطأوا رؤسهم لمحتل أو معتد غادر أو عميل جبان أو ذيل حقير، أراد ان يستهدف مجد أهل الانبار ، وخسيء من حلم بأن يفقأ عيون أهل الانبار أو ينال منهم، وهم الأسود الميامين المرفوعة رؤوسهم أبدا، وهم من أرعبوا الحاقدين والمارقين، ومن أرادوا شرا بالعراق، وهم من تعلق عليهم الآمال، في فجر عراقي جديد، يعيد للعراقيين هيبتهم ووقارهم ، وهم أهلوها ورجالاتها الأصلاء و( أخوة هدلة ) قادمون بعون الله!!