23 نوفمبر، 2024 2:15 ص
Search
Close this search box.

الأم المظلومة

-1-
لا تُقاس درجات الحنو والعاطفة الانسانية، بعاطفة الأم الجيّاشة، التي هي مضرب الأمثال قوّةً وعمقاً وصدقاً …

انّها النهر المتدفق الذي لا ينضب …

وانها أعلى صيغ الحبّ الخالص في ملاحِمِه المثيرة وعطاءاته الكبيرة ..

وإنّ عاطفة الأمّ فطريةٌ أصيلة ، وليست مبتدعةً مصطنعة .

إنها ” تكوينية ” قَبْلَ أنْ تكون (تشريعية) ، وشتان بين ” الأصيل ” وبين الطارئ المفتعل …

وبفضل هذه العاطفة المتأججة ، تستعذبُ الأمّ سهر الليالي الطِوال ، والجهد المضني، والعناء الكبير،آناء النهار، ناسيةً نفسها في غمرة انشدادها وانشغالها بفلذة الكبد ، وثمرة الفؤاد ، والأمل الأخضر الذي يُزيّن لها الحياة .

-2-

وليس غريباً اذن أنْ تكون (الجنة تحت أقدام الأمهات) – كما جاء في الحديث الشريف –

واذا كان الله سبحانه قد حرّم على الأبناء (التأفيف) بحق الوالدين بقوله تعالى :

( ولا تَقُلْ لهما أفٍ )

فكيف بالاساءة والتخويف ؟

لقد سأل احدهم النبي (ص) فقال :

بمن أَبِرّ ؟

قال (ص) :

أمّكَ

قال :

ثم بِمَنْ ؟

قال (ص) :

أُمَّكَ

قال :

ثم بِمَنْ ؟

قال (ص) :

أمك

قال :

ثم بمن ؟

قال :

أباك

وهكذا تقدمت الأم على الأبّ في مضمار البر، مكافأة لها على ما عانته من اتعاب …

-3-

والخلافات الناشبة بين ” الأمهات” وبين “زوجات” الابناء، تؤدي في كثير من الاحيان الى فصام نكد بين الابناء وامهاتهم، خلافاً لكل القواعد الشرعية والاخلاقية والانسانية والاجتماعية ..

ومن الظلم الفاحش أنْ يتنكر الابن لأمِّهِ ، – والتي لها عليه حق الحياة – لا لشيء الاّ للاصطفاف مع زوجته التي لا تنفك عن ممارسة الكيد بحقّها..!!

وانّ ” العقوق ” مرفوض بموازين الشرع والعقل والأخلاق .

-3-

وقرأتُ مؤخراً .

قصة السيد (حسنة ياسين) التي تحوّلت من أمّ عراقية ثرية بالأمس الى متسولة اليوم …

انها من مدينة الناصرية ، وقد نشرت بعض الصحف صورتها وقالت عنها :

” انها تدفع خمسة آلاف دينار يومياً الى احدى العوائل ..

لكي يوفروا لها لقمة العيش والنوم ليلا فقط ” ..!!

وتثور هنا عدة اسئلة :

لماذا تحوّلت الى مُتسولة ؟

وكيف تم ذلك ؟

وأين غاب عنها أولادُها ؟

والجواب :

إنّ لها اولاداً وبنات ..!!

وجميعهم من المتزوجين ،

وإنَّ بناتها في البصرة لا الناصرية ،

تقول بعض مواقع التواصل الاجتماعي في الناصرية :

انها امرأة غنية جداً ،

ومن عائلة ثرية ،

ترك زوجُها ثروة من الأراضي الزراعية، والعمارات السكنية، ولكن أولادها الذكور احتالوا عليها وانتزعوا منها ما هو مكتوب باسمها ثم اخرجوها بعد تذمر زوجاتهم منها …!!!

واليوم لا تملك هذه السيدة المظلومة شيئاً ، وقد أصبحت مصبّاً للصدقات التي يجود بها المحسنون، وهي تجلس يومياً أمام صيدلية قرب تمثال الحبوبي …

-4-

إنّ السيدة ( حسنة ياسين ) هي احدى ضحايا العقوق الفظيع الذي مارسه أبناؤها …

والشاعر يقول :

وظلمُ ذوي القربى أشدّ مضاضةً

على المرءِ من وَقْعِ الحسامِ المهنّدِ

وهي الشاهد على ما تزخر به الساحة من مظالم اجتماعية يندى لها الجبين خجلا …

وهي الشاهد أيضا على مدى النذالة التي دحرجت ابناءها الى سفح عميق .

-5-

اننا ننصح الآباء والأمهات ألا يتنازلوا عن جميع ما يملكون ، خشية ان يؤول امرهم الى ما آل اليه أمر هذه السيدة المظلومة، التي جازاها ابناؤها بالطرد من بيوتهم ، بينما كان المفروض ان يضاعفوا احسانهم اليها وعنايتهم بها …

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات