23 ديسمبر، 2024 2:31 ص

الأمير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج24

الأمير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج24

تذكر المصادر الاسرائيلية، أن دورضباط الجيش الإسرائيلي المتواجدين في شمال العراق (= كردستان العراق) وخبرتهم أسهما الى حدٍ كبير دور كبير في صد تقدم الجيش العراقي على طريق هاملتون الاستراتيجي، رواندوز – حاج عمران، حيث تمكن الجيش العراقي (اللواء الرابع) من الفرقة الثانية من السيطرة على جبل هندرين، وتمكن (اللواء الخامس) من الفرقة الرابعة من السيطرة على جبل زوزك، وهذان الجبللان يشكلان عارضين مهمين جداً في السيطرة على حوض رواندوز وديانا وبالتالي تسهيل مهمة الجيش العراقي في الوصول الى مقر قيادة البارزاني في كلاله وحاج عمران والمناطق المتآخمة لها والوصول الى الحدود الدولية، وبالتالي قطع الصلة بين ايران والحركة الكردية؛ ولكن الدعم اللوجستي الإسرائيلي مضافا إليه خبرة الضباط العرب الشيوعيين أجبرا الجيش العراقي وتحديداً اللواء الرابع على إخلاء الجبل وإصابته بأكثر من ألف إصابة بين قتيل وجريح.
وجاء ذلك من خلال نقل الصحفي الاسرائيلي شلومو نكديمون عن مذكرات الضابط الاسرائيلي المقدم (= الجنرال) تسوري ساغيه(1934م-؟) والذي كان آنذاك برتبة مقدم في سلاح المظلات الاسرائيلي، قوله: ” في الثاني عشر من أيار(=1966م) وقع اختيارنا على اللواء الرابع كهدف نضربه من اجل تخفيف العبء الواقع على الاكراد. وكان من الواضح ان وضع هذا اللواء صعب. فقد كان يتقدم على طول سلسة جبلية تقود نحو قمة جبل هندرين، ومن جانبي هذه السلسلة كانت هناك مناطق مرتفعة، ولم يكن. هذا اللواء يكف عن طلب الاسناد المدفعي، والجوي. وقامت القوة الكردية بانتظار اللواء في مكان معين، وعندما وصل الى تلك المنطقة اقترحت شن هجوم مضاد عليه. وكان هناك موقع كردي يعرقل تقدم اللواء الى النقطة التي اعددنا الهجوم فيها، فوجهنا اليه امر بترك اللواء يمر، بيد ان قائد القوة رفض الانصياع للأمر، فهو لم يفهم لماذا يجب ان يتراجع ويدع القوة تمر في الوقت الذي ينفذ مهمته على افضل وجه، وعلى اتم الاستعداد لتنفيذ شعار (الباش مرجه): “نحن على استعداد للموت”.الموساد في العراق، ص156-157.
ويستطرد المصدر الاسرائيلي، بالقول:” توجهت انا و(مورخان) وهو ضابط كردي رفيع من المقربين للبرزاني الى الموقع (= هو الاسم المستعار للسيد مسعود البارزاني)، وبعد جهد جهيد اقنعنا قائده بالتراجع، بعد ان وجه الينا نظراته شذرا وقال: تذكروا انكم انتم الذين ارغمتموني على الانسحاب. دخل اللواء العراقي الى منطقة الموقع الذي تم اخلاؤه. كان قوامه حوالي اربعة الاف جندي، مسلحين بصورة جيدة، ولديهم عدد كبير من البغال، والمدافع. سار اللواء العراقي في شيه نصف دائرة، وطوابير جنوده متراصة بشكل متقارب جدا، بينما الاسناد اللوائي، وقيادة اللواء تغطية ومن الخلف. بدأت القوات الكردية بقيادة قائد الهندرن (= جبل هندرين) فاخر محمد(= فاخر حمد آغا مير كه سوري) البرزاني تقترب من القوة العراقية من ثلاث اتجاهات، وقد قسمت نفسها الى اربع وحدات يبلغ كل واحد مائتين وعشرين جنديا بهدف التوغل الى داخلها، وفي نفس الوقت قامت قوة قوامها ثلاثين جنديا برئاسة الرقيب يونس بحركة التفاف واسعة، بهدف احتلال قيادة اللواء، والامساك بقائد اللواء حيا، لاسباب نفسية واستخبارية.
وعندما دخل اللواء منطقة المصيدة، وجهت اليه جميع النيران المتوفرة في الجهاز الدفاعي ، بما فيها المدفعية التي هي عبارة عن اربعة مدافع من عيار خمسة وعشرين رطلا، وراجمتين من عيار 120مم وسبع راجمات من عيار 81 مم. ولا شك ان قوة هذه الاسلحة المدفعية لم تكن كبيرة، خصوصا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار الكثافة المدفعية النيرانية التي كان العدو يستخدمها، بيد ان الظروف التي استخدم فيها كانت تجعله اسنادا هائلا اكثر بكثير من قوته الحقيقية.
لم تكن هناك اوامر قيادية مسبقة للقوات، بل كانت الاوامر تعطي اثناء الهجوم. بيد ان هذه المرة كانت المرة الاولى التي يستخدم الاكراد مثل هذه الكثافة النيرانية والمدفعية قبل الهجوم. اضف الى ذلك انها كانت المرة الاولى التي يشعرون فيها بمدى جدوى نقل الاوامر بالراديو اثناء القتال. وبعد نصف ساعة من القصف المدفعي آنف الذكر، فوجىء العراقيون بالهجوم الكردي الذي لم يسبق له مثيل بالنسبة، وقد استخدم المقاتلون في البداية البنادق، ثم لجأوا لاستخدام المدافع الرشاشة البريطانية من طراز(سترلينغ)، وكالوا للعراقيين ضربات دون رحمة. قامت القوة بقيادة يونس بتطويق قيادة اللواء، بيد انها لم تستطيع القاء القبض على قائده حيا، ولا شك انه لولا هذا الامر لما تمكن القائد من الفرار ولما قتل يونس. فقد اتاح الامر للقائد الفرصة ليهرب، وقتل يونس وهو يطارده على بعد عشرات الامتار من القاء القبض عليه. استغرقت المعركة ساعة كاملة لم يبق في نهايتها اي جندي من جنود العدو على قيد الحياة باستثناء خمسة اسرى، وبعض الجنود الذين تمكنوا من الفرار. المرجع السابق، ص157.
اما قائمة الغنائم الجزئية، فقد شملت ستة مدافع جبلية من عيار 75ملم، واربعة مدافع غير مرتدة، وثلاث راجمات بريطانية من عيار ثلاثة انشات، واربع راجمات من عيار 81 ملم امريكية، وخمسة رشاشات متوسطة من طراز(فيكرس) وخمسة واربعين مدفع (برن) والف بندقية من طراز موزر، وثلاثمائة مدفع رشاش من طراز (سترلينغ). وستة واربعين جهاز اتصال، وجهاز اتصال للاسناد الجوي، وستة الاف بطانية، وكميات كبيرة جدا من الذخائر.
قدر عدد القتلى والجرحى الاكراد بمائة وخمسين شخصا، هذا في حين بلغ عدد القتلى العراقيين الفين وخمسمائة شخص”. ينظر: شلومو نكديمون، الموساد في العراق ودول الجوار، ص156-158.
وفي التصريح الذي ادلى به مسئول عراقي لمجلة (ميدل ايست جنرال) قال: ” إن الاسلحة التي تم ضبطها لدى الاكراد خلال العملية كانت تحمل علامات ورموز الصناعات الاسرائيلية”.الموساد في العراق ودول الجوار، ص158.
بينما ذكر نفس الضابط الاسرائيلي(= الجنرال تسوري ساغيه) هذه الرواية بشكل مغاير بعض الشيء في لقائه مع مجلة ئيسرائيل – كورد في عام2010م بعد مضي أكثر من عشرين سنة على مذكراته الاولى، حيث أنه هو الذي خطط وأشرف على معركة هندرين التي قادها فاخر ميركه سوري أحد قادة البيشمركه البارزين،:” كان الجيش العراقي فعالا وقد اقترحت مهاجمة الفرقة الرابعة (= اللواء الرابع) التي كانت في جبال هندرين. معظم الفرقة قتلت بعد ان وصلت المعدات التي ارسلتها ايران، البارزاني(= ملا مصطفى) علق على ذلك قائلا ” ان عدد الذين قتلوا كان كبيرا جدا وانا غير راض ٍعن ذلك القتل، أعرف انهم مجبرون على ارسالهم للقتال، فانا لا احب قتال العرب”. ينظر: يونس الخشاب، الموساد ودوره في معركة هندرين، موقع الحوار المتمدن، العدد 6175 في 17/3/2019. نقلاً عن العدد 10 من مجلة ئيسرائيل – كورد، شهر ابريل / نيسان عام2010م.
ويضيف المقدم (=الجنرال تسوري ساغيه) حول الخطة التي عرضها على القيادة الكردية، بالقول:” كانت خطتنا الأساسية تهدف للسيطرة على جبال ريفاندوز(= رواندوز) وزوزك وهندرين. نعم، شاركت في كل المعارك التي دارت هناك. كان الأكراد محرومين من مهارة السيطرة على الأمور في وقت كان العدو يهجم بشكل احترافي. وكانت الوحدة التي أقودها هي أولى الوحدات التي استطاعت تشكيل خط للدفاع؛ إذ كانت مكونة من رجال أذكياء ومدربين جيدا. لم يكن عددهم بالكثير، لكنهم كانوا أفضل من يرد على هجمات العدو. كان هناك أكثر من 10 آلاف جندي عراقي موزعين على المنطقة السفلية من عليبج وحليفان(= خليفان). كان واضحا أنهم مدربين جيدا، كما كانت تدعهم الدبابات والطائرات. وكنت أعرف، بصفتي رجل مظلات، من أين سيهجم الجيش العراقي بحلول الربيع. ووفقا لذلك وزعت قواتنا وشكلت استراتيجية دفاعية. وقد استفاد الأكراد كثيرا من الخبرات التي اكتسبتها من العمليات المضادة للإرهاب في الجيش الإسرائيلي.كانت الخطة تنص على أننا سنشكل خطوط دفاع عندما يهجم الجيش العراقي. كانت الظروف الجغرافيا في صالحنا لأن الجبال لم تكن لتسمح بإجراء مناورات جوية بسهولة. كما كانت بعض المناطق تشكل خطرا يصعب من انتقال القوات العراقية برا. كان الأكراد معروفين بقدرتهم على التصويب، وهم الآن يستعدون للدفاع. أمرتهم بالانتظار بصبر حتى يدخل الجنود العراقيون في مرمى تصويبهم. تمركزنا على مرتفعات جبلي هندرين وزوزك. حذرت جنودي من التصويب نحو الدبابات حتى لا يكتشفوا مكاننا. كان الأكراد يعرفون المكان جيدا، وكان عنصر الحظ في صالحهم. كان تعداد الجنود العراقيين الذين اقتربوا منا 3 آلاف. أعطيت شارة القيادة إلى الملازم(= العريف الشيوعي) يوسف لكنه قتل في المعركة.
ويستطرد المقدم(= الجنرال) الاسرائيلي حول نتيجة المعركة لصالح الحركة الكردية، بالقول:” وكان البارزاني سعيدا للغاية. لكن كان يبدو أنه شعر بتوتر لكثرة عدد قتلى جنود العدو. اضطرت الحكومة العراقية لإنهاء العملية العسكرية عقب نجاحنا هذا. كان هذا مفاجأة بالنسبة لنا. بعدها سمعنا أن الرئيس العراقي عبد السلام عارف مات في حادث طائرة مروحية وحل مكان شقيقه عبد الرحمن الذي تواصل مع بارزاني وطلب منه إنهاء القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات. فاقترحت على بارزاني التفاوض مع مواصلة القتال كي لا نفقد قوتنا، لكنه أخبرني باستحالة فعل الاثنين في آن واحد. الموساد في العراق، المرجع السابق.
فيما قال المؤرخ العسكري الإسرائيلي أوري مليشتاين في مقال تحليلي بصحيفة (معاريف):” إن العلاقات العسكرية بين إسرائيل والمليشيات الكردية تعود إلى عام 1966، حين تمكن الجنرال الإسرائيلي تسوري ساغيه من مساعدة كتيبتين كرديتين على خوض حرب استنزاف ضد الجيش العراقي وقتلوا منه ثلاثة آلاف جندي، وتكرر الأمر ذاته عام 1974″. ينظر: الجزيرة نت، نقلاً عن صحيفة معاريف الإسرائيلية في1/3/2016.
إلا أن مصدراً مطلعاً على الاحداث هو الدكتور محمود عثمان عضو المكتب السياسي للبارتي ينفي ذلك بشدة ويشير الى أن ” الإسرائيليون كانوا في حاج عمران على بعد 60 كم من أرض المعركة”. ينظر: مجلة الوسط اللبنانية، العدد298 في13/10/1997م.
ويضيف الدكتور محمود عثمان قائلاً:” نعم لقد زودنا الضباط الاسرائيليون بالاسلحة، وأعطانا الضابط الاسرائيلي تسوري ساجي بعض النصائح والارشادات هنا وهناك، ولكن القيادة كانت بيد الاكراد والحقنا الهزيمة بالجيش العراقي”. المرحع السابق نفسه.