23 ديسمبر، 2024 9:55 ص

الأمويون والتدوين الغائب!!

الأمويون والتدوين الغائب!!

غياب التدوين في زمن الدولة الأموية , ظاهرة تثير أسئلة ولا تعثر على أجوبة , فمؤسسها يكتب , وفيها العديد من الذين يكتبون , وعبد الملك بن مروان عرّب الدواوين , والحجاج يقرأ ويكتب , وهو الذي بدأ بوضع الحركات على الحروف وتنقيطها , لكي لا يختلط على الآخرين تلفظها.
والعديد من مدن الدولة فيها كتاب وأعلام , فلماذا لم يدوَّن التأريخ الأموي من قبل الأمويين؟
ولماذا لم تكتب السيرة النبوية في زمنهم , الذي كان فيه العديد من الصحابة والتابعين؟
لماذا لم يأمر معاوية بن أبي سفيان بالتدوين مثلما فعل الخليفة أبو جعفر المنصور؟
ولماذا لم يحصل تدوين في زمن عبد الملك بن مروان؟
ليس من السهل الإجابة على هذه الأسئلة , فهل فعلا كتبوا وسجلوا الأحداث , والعباسيون محقوها , وأبادوا كل ما يتصل بهم , مثلما أبادوا ذرياتهم ومَن ينتسب إليهم؟
البعض يرى أنهم قد تقصدوا في ذلك , بنوازعهم القبلية الإنتقامية من بني هاشم , الذين أفقدوهم مكانتهم التجارية وهيبتهم القريشية.
ويمكن لمن يرى أن يقول ما يتصوره ويستنتجه , لكن الحقيقة المعززة بالدلائل والبراهين تبقى مجهولة.
ومهما بحثتَ في الموضوع , وبذلتَ من جهد فلن تصلَ إلى جواب , ولا يوجد في كتب التأريخ ما يساعد على تفسير هذا السلوك الغريب.
فالتدوين كان قائما في الدول التي تفاعل معها الأمويون , بل أنهم على دراية به منذ أن كان معاوية بن أبي سفيان أميرا على الشام ولمدة عشرين سنة , وخلالها لم يدوَّن عن زمانه شيئا , وتواصل السلوك في زمن خلافته لعشرين سنة أخرى.
البعض يرى أن تأريخ بني أمية كان شفاهيا , والمعضلة أن أبو العباس السفاح قد قضى عليهم أجمعين , بصولة سفك دماء مروعة وتطهير عرقي فتاك , وذو درجة فائقة النقمة والإنتقام , وبقتلهم قضى على تأريخهم المحفوظ في الصدور.
إن ما حل في بني أمية لا يمكن لعقل أن يصدقه , فالذبح الفظيع الذي أنزله بهم العباسيون , يعد من أعظم المذابح التي قام بها المسلمون ضد المسلمين , والدافع عدواني إنتقامي بحت لا يمت بصلة لدين , ويرتبط بالكرسي والسطوة والحكم المطلق المستبد الشديد.
ولا يمكن إغفال دور الأمويين في تأسيس دولتهم المترامية الأطراف , وما قاموا به من إنجازات حضارية وتنويرية سطعت في الآفاق.