22 ديسمبر، 2024 8:09 م

الأموال والأفكار؟!! أيهما أولا , الأفكار أو الأموال؟!!

الأموال والأفكار؟!! أيهما أولا , الأفكار أو الأموال؟!!

ساؤال يستحق النظر والتحليل , لأن الواقع البشري يؤكد كينونته من خلال هذا الوعي والإدراك العملي لأيهما أولا.
فالحال العربي يشير إلى أن الرؤية السائدة هي أن الأموال أولا , لكن الأموال لم تقدم خيرا للعرب , وإنما أوصلتهم إلى ما هم عليه من سوء الأحوال وخيبات المآل.
والتفكير السياسي العربي مأسور بنمطية الأموال أولا , فالحكومات تقف جامدة عندما لا تتوفر الأموال , وإن أمسكت بها فأنها تسخرها للدمار والخراب , وتعجز عن العمل الإستثماري الصحيح الكفيل بالنماء والرقاء.
بينما الواقع الآخر المتمثل بالدول المتقدمة والمجتمعات المتفاعلة مع الحياة تضع الأفكار أولا وتمنحها القوة والسيادة , لأن الأفكار تلد الأموال وتصنعها , أما الأموال فأنها قد تعطل الأفكار كما يجري في الواقع العربي , الذي بلّده النفط بما يجلبه من أموال سهلة وسخية.
فالحقيقة أن الأموال مولودة من رحم الأفكار , وكلما تمكنت المجتمعات من الإستثمار بأفكارها كلما تقدمت وتطورت وإزدادت ثراءً وتعاظم إقتصادها.
فالصين واليابان كانتا لا تملكان أموالا , وإنما أفكارا تحقق الإستثمار فيها فإنطلقت القوة الإقتصادية وتوافدت الأموال بكميات مطلقة.
وعند العرب الثروات والأموال لكن رؤوسهم تكاد تخلو من الأفكار , وهم في نمطية إدراكية خائبة لا تعرف تعدد الخيارات , وإنما محكومة بإرادة أما وأو القاهرة التي تؤطر سلوكهم وتتحكم بتفكيرهم , وبسبب ذلك فأن العرب لو إمتلكوا أموال الدنيا فأنهم لن يتقدموا ويتفاعلوا بمعاصرة , لأن رؤوسهم مقيدة وممنوعة من التفكير الحر , وتميل للخرافة والأضاليل والتصورات البهتانية فترعرعها وتستثمر فيها , مما يؤدي إلى تداعيات خطيرة ومريرة يعيشها العرب اليوم.
ولكي تتحقق الحياة المعاصرة لابد من أفكار متناسبة معها , وقادرة على رعايتها وتنميتها والتفاعل الإيجابي معها , فالأفكار تتوالد وبتوالدها تتنامى الموارد الإقتصادية المتصلة بها.
ولهذا فأن علينا أن نؤمن بالأفكار ونحررها ونستثمر فيها ونطورها , لكي نكون بحق أثرياء ونمتلك إقتصادا قويا ومؤثرا في مسيرة الأجيال , أما الإعتماد على الأموال المجردة من الأفكار فأن ذلك سلوك بدائي وإنقراضي وإستحلابي , وإبادي للمخزون المالي الذي سينضب حتما مهما تعاظم حجمه.
فهل سنتعلم كيف نجعل الأفكار تأتي بالأموال؟!!