18 ديسمبر، 2024 5:22 م

الأمل بعيون صافية

الأمل بعيون صافية

ابتسامة طفل مهجَّر، صبر أرملة أو ثكلى مفجوعة، صلابة والد محني الظهر، تحدي طالب علم للظروف، جهاد فتاة لإثبات ذاتها..إنه الأمل.
نحتاج في حياتنا، لضروريات توفر لنا العيش الكريم، ومواصلة مسيرتنا لأداء دورنا في الحياة، إعمار الأرض؛ لكن لا فائدة تُرجى من كل هذا، بدون الأمل، من غيره نعيش حياة رتيبة، يشبه يومنا الأمس، و لا نهتم لغدٍ يأتي نسخة من اليوم.
إنتظار الفرج، يجب أن يُقرن بالعمل لتعجيله، فلا يكفي الدعاء والجلوس، لأننا بذلك نضع أنفسنا، في قائمة المحاسَبين من قبل إمامنا المنتظر، عجل تعالى فرجه الشريف، لتقصيرنا بواجباتنا تجاه ديننا ومجتمعنا؛ كذلك، الأمل بدون عمل، كمن يجلس أمام النهر، منتظراً أن تقفز السمكة إلى حضنه، لأنه لم يكلِّف نفسه، عناء جلب سلة، فيقضي يومه متأملاً في النهر، يغازل السمك الذي لو كان يتذكر الوجوه، لما اصطاده صيّاد.
نسنتج مما سبق، أننا يجب أن نصنع، مستقبلنا الذي نأمله، و إن الإبتعاد عن المبادرة، لا يقدم لنا شيئاً، إن لم يساعد بتسلق الطامعين على أكتافنا، ليزيدونا فشلاً وخسراناً فوق ما نحن فيه.
تعاني الطبقة المثقفة، الإبعاد عن مراكز القرار، لأن أغلب المتنفذين، يتخوفون من تقريبهم، لأنهم ليسوا سهلي الإخضاع؛ لذلك نجد أغلب الكفوئين، بعيدين عن أماكنهم المناسبة، و يهيمن عليها، من لديهم كفاءة في تقبيل الأيدي، و هز الرؤوس بالموافقة، على ما يصدر من ولي النعمة.
تكمن هنا ضرورة وجود، جهة تتبنى المثقفين، لتنتج منهم قادة، كل بإختصاصه، بعيداً عن الطائفية، و التعصب الديني والمجتمعي، المعيارين الوحيدين فيها، الوطنية والكفاءة، ليصبح لدينا فريق متكامل، فيه أشخاص مناسبين، للمواقع القيادية والخدمية؛ و رقابة داخلية تشرف على العمل، تكافئ الناجح، و تحاسب المقصر.
تجمع الأمل، المكان المناسب لإحتواء هذه الطاقات، تتوفر فيه كل المميزات سابقة الذكر، فهو يضم نخبة من الكفوئين، من مختلف الطوائف و الأديان، تتوفر فيهم شروط، كالشهادة الجامعية، والكاريزما وغيرها، و الأهم إيمانهم بالمشروع، و هدفه الأساسي، بناء الدولة العصرية العادلة؛ تشرف عليهم كوادر مختصة، تراقب أداءهم و تقيمه، لتجنب الفشل والفساد.
كيف يستقبل تجمع الأمل، أشخاص من جميع المعتقدات الدينية، بالرغم من كونه ينضوي، تحت عباءة تيار شهيد المحراب؟ والجواب: أنه منفتح على الكل، دون المساس بالثوابت، أي يتفق معهم، في المفاصل التي لا يختلف عليها إثنان، فلا أحد لديه إعتراض، على ضرورة إستتباب الأمن، أو توفير الخدمات، أو رفع مستوى التعليم؛ أي يهتم بنقاط التقارب، أما نقاط الإختلاف فلها مختصيها.
هناك نماذج ناجحة، لفرسان في الأمل، إستلموا مواقع خدمية، إستطاعوا أن يظهروا فيها طاقاتهم، لفائدة مجتمعهم و مهنتهم، و لن تتوقف الطموح عند هذا الحد، لأن هناك طاقات أكثر، تنتظر دورها في خدمة وطنها، كي ننجح في تأسيس دولة عصرية عادلة، يحصل فيها كل شخص على حقوقه، بمقدار ما يؤديه من واجبات.
المشوار ليس قصير، و المشروع يحتاج مشاركة الكل لإنجاحه، و يحتاج عيون صافية، ترى الحقيقة بوضوح، و عقول تتخذ القرار الصحيح؛ أسنبقى متفرجين؟ أم نضع أيدينا في أيدي بعض للعبور ببلدنا إلى بر الأمان؟