أدوار الأمم متبادلة ولكل أمة صولة وجولة فوق التراب , وما بقيت أمة على حالها , فكم من الأمم نهضت من العدم وسادت وأسست إمبراطورياتها , وفعلت ما فعلته في البشرية , ولاتزال الدنيا تمضي على ذات الإيقاع الأزلي.
فكم من القبائل أسست إمبراطوريات , ومن الشعوب هيمنت على غيرها , وكم من الجزر الصغيرة أصبحت إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس , فالضعيف يكنز قوة مطلقة , وحقيقة الوجود أن الأصغر أقوى , لأن فيه كثافات مكبوسة ذات طاقات إنفجارية هائلة.
وأمتنا مثلما قادت الدنيا من قبل , سيحين دورها للقيادة مرة أخرى , ولم يكن الأمر ببعيد.
سيرى المتشائمون ما تقدم أشبه بالهذيان , أو صنوَ أوهام , ولو سألتهم في حينها هل تتصورون أن قبيلة بني عثمان ستصنع إمبراطورية , أو آل جنكيز خان ستسيطر على الدنيا , لحُسب كذلك , فما أكثر الأوهام التي تحققت في الدنيا , فالوهم إدراك مسبق لحالة تعجز العقول الأخرى عن إدراكها.
وفي عصرنا وقبل عقود قليلة كان الكثير مما نعيشه اليوم أشبه بالوهم والهذيان.
فهل كنتم تتصورون ما حصل من تطورات في العقود الثلاثة الماضية؟
هل كنتم تصدقون أن العالم سيتجمع على شاشة صغيرة في هاتف تحمله في الجيب؟
قد يقول قائل أن هذا لا يشبه ذاك , بينما الحياة صورة واحدة لا يمكن تجزأتها , فالتطورات متسارعة على كافة المستويات , فمن كان يتصور أن الإتحاد السوفياتي سينتهي , حتى قادته الكبار ما كان يخطر على بالهم ذلك.
الدنيا تتغير , وما يدور في أرجائها من صراعات قائمة ومتصاعدة سيؤسس لمرحلة جديدة , وسيكون للأمة دورها الذي ستتوفر له القيادات القادرة على إستثماره , والإنطلاق به إلى آفاق الجوهر الحضاري الكامن في ضميرها.
فهل لنا أن نعرف أنفسنا ونستوعب دورنا؟!!