منذ نهاية الحرب العالمية الأولى والأمة تحت وطأة الحرب النفسية الغاشمة , التي قطّعت أوصال وجودها وقيّأتها معالم جوهرها , وأوقفت مسيرتها , ومنعت أجيالها من التعبير عن طاقاتهم وقدراتهم الحضارية الكامنة فيهم.
وعندما نقرأ نواكب الأمة وويلاتها , يتبين أنها من نتاج زعزعة الثقة بالنفس والإمعان بالدونية والتبعية , وتعطيل العقل , وتسييس الدين , وتسليط الذين يحكمون بالوكالة.
هذه العوامل وأخواتها , تحققَ تسويقها وترويجها بالتكرار والقوة , وبربطها بالدين الذي تحزّب وتمذهب وتمترس في كينونات متناحرة , يقودها تجار محترفون جعلوا البشر بضاعتهم فإستعبدوه وجهّلوه وأفقروه , وقطعوا حبل تواصله مع الحياة , ودفعوه إلى القهر والعدم والهوان , ليفوز بما بعد الموت من أماني وتصورات.
والواقع الحقيقي أن الأمة فيها كوامن حضارية أصيلة تريد التفتح والإنطلاق , وتخشى منها القوى القابضة على وجودها , وعندما رأت أن لا مناص من تبرعمها فتحت للشباب الصاعد أبواب الهجرة إليها لكي تستحوذ على ما فيه من الطاقات.
ولا تزال مجتمعات الأمة تحت سنابك الإمتهان والإستعمار المعاصر , الذي توفرت عوامله وأسبابه في قلب الهدف , فالإستعمار نشاط إقتصادي غايته السيطرة على ثروات البلدان المستعمرة , وعندما تتوفر أدوات من المجتمع المُستهدَف تحقق المعطيات الإقتصادية للمستعمر , فأنها ستلقى الدعم بأنواعه وستبقى في السلطة , ما دامت تؤدي واجباتها وتضخ الثروات في بنوك الدول المستعمرة.
وهذا واضح في بعض دول الأمة الثرية , التي تسلط عليها السراق المسخرون لنهب الثروات وإيداعها في البنوك الأجنبية وحرمان الشعب من حقوقه الإنسانية , والتعبير عن التبعية والتأييد المطلق للغانم المستحوذ على البلاد والعباد.
وبعض البلدان صارت غنيمة مطلقة , وشعبها أسير , وما عليها من حق الجالسين على كراسي الإمتهان والإستعباد والتخريب والتدمير وتغييب إرادة الإنسان.
فهل للأمة أن تعي مخاطر الهجوم الشرس المكلوب؟
وهل لها أن تسيّد عقلاءها الأمناء الصالجين؟