26 نوفمبر، 2024 10:11 ص
Search
Close this search box.

الأمة والعقل العاطل!!

الأمة والعقل العاطل!!

الأمة التي تتعطل فيها العقول لا يمكنها أن تدّعي الإنتماء للحياة والمعاصرة , والقدرة على التحدي والمواجهة والتقدم والرقاء , لأن ذلك يتطلب عقولا فاعلة متفاعلة مبدعة منفتحة ومتجددة.
والأمة مشكلتها الأساسية تكمن في تعطيل العقل , وذلك لأنها قد مضت على سكة الطاعة العمياء والتبعية الحمقاء , فلا عقل ولا رأي ولا تفكير , لأنها إرادة فلان , ووفقا لرؤاه وما ينطق به تتحدد الخيارات والسلوكيات.
ولا علاقة لهذا السلوك بالعلم والتعلم , لأن المشكلة عميقة ومروعة , فقد تجد ذوي الشهادات التخصصية العليا في مختلف العلوم والمعارف , لكنهم لا يُعمِلون عقولهم وتتوطنهم التبعية والإذعانية للآخر.
والعجيب في أمر أبناء الأمة , أنها كقوة وطاقة لا تساوي أعدادها الكبيرة , وإنما يتم إختصار وجودها ببضعة أشخاص تمكنوا من الملايين ومئات الآلاف , وقادوهم كما يشاؤون إلى حيث يريدون , فهم الذين يفعلون فعلهم فيهم وكأنهم القطيع المذعن الخانع المستسلم , الذي لا يعرف أنّ في رأسه دماغ وأنه يمتلك عقلا يوجب عليه التفكير الحر والتقرير الناضج السليم.
وهذه ظاهرة إستعبادية إمتهانية تعصف في كيان الأمة على مر العصور والأجيال , ولا يستطيع جيل الفكاك منها والتحرر من قبضتها , ذلك أن المالكين لإرادة الناس يحشدونهم عاطفيا وإنفعاليا ويمنعونهم من التفكير , بل ويعوقون عقولهم ويبرمجونهم وفقا لمتطلبات ما فيهم من النوازع والتطلعات.
وتلك عاهة حضارية مروعة , لا يمكن لأية أمة أن تحقق شيئا بوجودها , وهي تفسر لماذا الأمة متعثرة رغم توفر الآلاف من أبنائها الذين يحملون الشهادات العليا والتخصصات الكبرى , فهم حالما يحلون ببلدانهم تنتفي عقولهم وتنمحق إرادتهم وينتظرون الأمر والإشارة , ولا يمكنهم رؤية إلا ما يرى سيدهم الذي إمتلكهم وقبض على مصيرهم.
وبتعطيل العقول تتعطل الأمة وتتحول إلى عالة تستجدي على قارعة الطريق , وينسى أبناؤها القيم الإنسانية , ويجهلون دينهم ولغتهم , ويغيب الرأي المستقل , ولا يمكنهم القراءة بروحية النقد والشك والإستنتاج , لأن التبعية دينهم ومذهبهم , وأنهم روبوتات تتحرك وفقا لمشيئة الذي تتوجب طاعته والتضحية من أجله , وهو دجال مخادع متاجر بدين , ولا يجرؤ الواحد منهم أن يستفسر عمّا بحوزته من المال والأملاك , ولماذا هو في نعيم وثراء؟!!
وإنها لمصيبة أمة بدين!!

أحدث المقالات