الأمة حية ولن تموت أبدا , والقائلون بموتها هم الأموات وهي الحية الخالدة في الوجدان الإنساني والضمير الحضاري , فهي طاقة الدنيا ومنطلق وجودها ومبتدأ حضاراتها , وأمة بهذا الإقتدار الإنساني العميق لا يمكن وصفها بالميتة مهما داهمتها الخطوب والويلات.
وقد قال بموتها الكثيرون عندما إحترقت بغداد أثناء غزو الهولاكيين لها , لكنهم ماتوا وإندثروا وبقيت الأمة حية ولود , تكنز القدرات الواعدة , وتساهم في صناعة المجد الإنساني في جميع العصور.
والقائلون بأنها لا تشارك في صناعة الحاضر المعاصر هم مخطئون , فأبناء الأمة موجودون في المحافل العلمية العالمية ولهم دورهم في الإبتكار والإختراع والتقدم , والجينات العربية لها تأثيرها فيما توصلت إليه الدنيا من مخترعات , وأقرب مثال على ذلك أن سيّد “أبل” وصاحب ” آياتها” نصف جيناته عربية سورية.
فالعرب يشاركون في صناعة الحضارة المعاصرة ولكن ليس في أوطانهم , وإنما في أوطان الدنيا المختلفة , ولو فتشتم عن العرب في الدول المتقدمة فستجدون لهم دور متميز وفعال في رفد الحضارة الإنسانية بما هو أصيل.
فالأمة ذات أدوار إبداعية ضاربة في البعد الإنساني , وما نراه من عطاءات جديدة إنما هي ذات عمر يتجاوز القرن بقليل , والدول المتقدمة قد عانت وقاست وتمزقت وتحطمت وتدمرت , لكنها تعافت من ويلاتها الجسام وما أصابها في القرن العشرين في الحربين العالميتين , وما عرفت التفاعل الإيجابي التعاوني إلا قبل بضعة عقود , ولا يمكن القياس على ذلك , كما لا يمكن القياس على ما تمر به الأمة من تدهور وتداعيات , ومن البديهي أن الأمة ستتعافى , وستكون حتما بأحسن حال ومآل.
ولهذا فأن الكتابات التيئيسية غير موضوعية , ولا تستند إلى رؤية علمية شاملة ومستوعبة لمعطيات التأريخ والتفاعلات القائمة بين الأمم , وإنما هي ردود أفعال إنفعالية تريد أن تحسب الظلام هو السائد والطبيعي وأن النور شذوذ وحالة طارئة.
وعليه فعلينا أن ننظر بعين مبصرة ونكتب بمداد التفاؤل والأمل , فلا بد لليل أن ينجلي , ولا بد لإرادة الأمة أن تعبر عن ذاتها بما كنزته من طاقات إبداعية صالحة للبشرية جمعاء.
فقل أمتي تحيا ولا تقل أنها تموت , فالموت الحضاري ليس من خُلُق هذه الأمة , وإن غفت لقرون!!