ما نعيشه اليوم من إشراق حضاري حصيلة جهود متظافرة على مر القرون أسهمت بها أمتنا , وأطلقت أنوارها العقلية العلمية التي بددت ظلمات العصور وخدمت الحضارة الإنسانية.
فأمتنا أوقدت مواكب المسيرة العقلية التنويرية , ووضعت أساليب البحث العلمي ونظرياته , ولمساهماتها دورها الفعال في إنطلاق النشاطات العلمية في ربوع البشرية.
ولابد للأجبال أن تعي الدور المنير للأمة , التي تتعرض لهجمة عدوانية تسعى لعزل أجيالها عن جوهرها ودورها الحضاري المشرق , بل أن أعدءها يجتهدون بالحط من قيمتها ومكانتها , وإيهام الأجيال المعاصرة بأنها عالة على غيرها.
ويتوجب على الأقلام الواعية أن تتولى مهمة الكشف عن الجوانب المشرقة الإيجابية في حياة الأمة , لتعزيز الذات وتمكينها من الخروج من المشاعر السلبية القاتمة , فالأمة قادت الوجود الأرضي لقرون عديدة , وقدمت المشاريع الأصيلة , التي فتحت آفاق التقدم والإنطلاق في ميادين إعمال العقل , وتفعيله للإبتكار والإبداع الحر , الذي سارت عليه الأمم وجنت من ثماره ما لم يخطر على بالها.
فالأمة بمفكريها وعلمائها أحدثت ثورة إنسانية فجرت مكنونات العقل , فأنبثق متفاعلا مقتدرا على إستحضار الحلول , والغوص في ميادين العلوم التي كانت محرمة عليه.
ولايزال الكثير من عطاء أجدادنا المعرفي في خزائن المتاحف والمكتبات كمخطوطات , ولم يجتهد أبناء الأمة بجدية في تحقيقه وإظهاره للحياة , وما هو متداول من تراثهم المعرفي الإبداعي نسبة ضئيلة مما أنتجوه للإنسانية.
فتراث الأمة العلمي لا يزال مطمورا ومخفيا عن أجيالها , وبعدم إظهاره يساهم أبناؤها بالتقليل من مكانة أمتهم.
إن تراث الأمة المعرفي بصنوفه المتنوعة , ثري ويبعث على الدهشة والإعجاب , فما تركوا موضوعا إلا وبحثوا وكتبوا فيه , ووضعوا نظرياتهم ورؤاهم المبنية على الملاحظة , والتجربة والأدلة البرهانية المنطقية , التي تبين معقولية ما توصلوا إليه من نتائج.
فعلينا أن نتفاعل مع تراثنا , ونعمل على إظهاره , فأمتنا من أغنى الأمم بتراثها العلمي.
فهل لنا أن نستعيد دورنا الحضاري المغبون؟!!