23 ديسمبر، 2024 11:01 ص

الأمة الشيعية بين شيعة السلطة ورجال الدولة

الأمة الشيعية بين شيعة السلطة ورجال الدولة

ظلت الأمة الشيعية صامدة واقفة بوجه التحديات التي عصفت بها من بطش وقمع , على الرغم من كل ممارسات الارهاب الفكري والجسدي التي مورس بحق رجالاتها , كانت تنهض من ركامها في كل أزمة ومحنة تمر بها وكأنها طائر العنقاء الذي يُبعث من جديد بعد أحتراقه ومعها رجالات كانوا مثالاً بالقدوة ويشار لهم بالبنان الحسن في السلوك والمنهج والتطبيق الفعلي على أرض الواقع , رغم التغيب والتهميش الذي فرضته السلطات الظالمة القاهرة المستبدة التي بسطت قوتها بالحديد والنار, الإ أنهم لم يستسلموا لكل محاولات التضييق والخناق والقهر وإلأبعاد عن المشهد , نحت علماؤها ومفكريها أسمائهم في سجل التأريخ ,(1400) عام من التزوير والتشويه للحقائق لأطفاء نور توهجهم ونسب كل ما يصدر منهم من مفاخر لغيرهم وبتوجيه مدروس من الأنظمة التي تعاقبت على قيادة الأمة , حتى أن أحد الخلفاء قال :{أتوا لي بكتبت التأريخ ومدونيه ,وبعد أن جيء بهم ,قال لهم : كل منقبة ومأثرة ومفخرة لعلي أمسحوها أو أنقلوها وأنسبوها لغيره} وعندما تنفس الصعداء بتولي الشيعة زمام السلطة في العراق بعد زلزال 2003 , أنبرى للسلطة نوعين من الرجال , النوع الأول أصاحب قضية والمبدأ لا يجزأ عندهم , جل همهم هو كيف يصنعون دولة تنعم بالرخاء والاستقرار تلقي بضلالها على الاجيال , يتصفون بسمات القوة لايأبهون الخوف ممسكين بأقلامهم بكل ثقة قادة بكل ما تعنيه الكلمة , أعطوا صورة مشرفة ومشرقة لكل مكونات المجتمع بأنهم دعاة بناء الدولة التي قالوا عنها أقوالاً ملؤها الأفك بأنهم لا يستطيعون فعل شيء فلا تتوفر لديهم الامكانيات ولا القدرات ولا الثقة بالنفس , تؤهلهم للتصدي لهذا المشروع , فجزاهم الله خير الجزاء لما أثبتوه العكس بالافتراء ضدهم , فمنجزاتهم أثبتت صدق متبنايتهم ,أما النوع الثاني فقد كان تفكيرهم كيف يجني المال وسيتحوذ على المناصب ويبيعها لمن يدفع له دون الاهتمام بمن يأتي ؟ أستخدموا محسوبياتهم ومنسوبياتهم لأشخاص فاشلين وتوسطوا لفاسدين أعاثوا بالأرض فساداً, وتركوا الأحرار يبحثون عن بصيص أمل لهم في زحام الفوضى والسواد , كان المستضعفين يقفون على أعتاب أبوابهم يطلبون حوائجهم منهم وهم لديهم القدرة والمقدرة على أنجازها , فكان ردهم غلق الباب بوجههم أو أسماعهم كلمات نابية مشينة مستأسدين عليهم , يتحدثون في العلن عن الزهد الذي عاشه الإمام علي وعن عفته ومحبته ومساعدته للفقراء ونصرته المظلومين, ومن حيث الفعل فأن سلوكياتهم وأفعالهم وصنائعهم صنائع يزيد وغيره من المنحرفين , شعاراتهم ملئت أركان الجدران وحَكم بأسم الأئمة (ع) والشواهد والأمثلة كثيرة ولكن أين التطبيق !!! , ليس لديهم في قاموسهم شيء من منطق صناعة الدولة ما دام نصيبهم وحصتهم من الغنيمة والمغنمة موجودة , مفهوم الدولة في نظرهم لا يتعدى سوى الاستفادة والفائدة منها الشخصية دون التفكر بمعاناة وأوجاع من أوصلوهم , فالأمر سيان عندهم سواءً قدموا شيء للناس أم لم يقدموا , كانوا صورة مؤلمة جراء سوء الأدارة والتصرف بمقدرات ومقررات المجتمع لهذا الأرث الكيبر العملاق المتجسد بخط أهل البيت الذين تعددت أدوارهم ولكن المضمون والمبدأ متفق عليه بينهم عبروا عن رفضهم للظلم وأن أختلف العنوان ,فعن الإمام الصادق (ع) أنه قال: “يا معشر الشيعة إنكم قد نُسبتم إلينا، كونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شينا” أذكر جيداً موقف سعيد بن عبد الله الحنفي (ر.ض) في واقعة الطف عندما يخاطب أبا الأخرار بقوله :{والله لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا نبيّه محمّداً فيك، والله لو علمت أنّي أقتل ثمّ أحيى ثمّ أحرق حيّا ثم أذرى يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك، وإنّما هي قتلة واحدة. ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً} وموقف آخر يقول الإمام الحسين لعبيد الله بن الحرّ :{ما جِئْناكَ لِفَرَسِكَ وَسَيْفِكَ ، إِنَّما أَتَيْناكَ لِنَسْأَلَكَ النُّصْرَةَ ، فَإِنْ كُنْتَ قَدْ بَخِلْتَ عَلَيْنا بِنَفْسِكَ فَلا حاجَةَ لَنا في شَىْء مِنْ مالِكَ ، وَلَمْ أَكُنْ بِالَّذي أَتَّخِذُ الْمُضِلّينَ عَضُداً ، لأِنّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَهُوَ يَقُولُ : من سمع داعية أهل بيتي ، ولم ينصرهم على حقّهم ألا أكبّه الله على وجهه في النار} ,هنالك محايد وظيفته يتابع المعركة من على التلِ يحمل على كتفه أقنعة يلبسها , فمتى ما أنتهت ينزل ويصطف مع الغالب ويتخذ دور جديد ,وهنالك من يعيش الوطيس في المعركة لأنه جزء منها مفتدياً مضحياً لكل نائبة وشدة ,ولكن الأوسمة قد أهديت لغيره من الانتهازيين والوصوليين .