ولد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام) في (7 صفر 128هـ-25 رجب 183هـ) وهو أحد أعلام المسلمين، والإمام السابع عند الشيعة الإثنا عشرية، والده هو الإمام جعفر بن محمد الصادق أحد فقهاء الإسلام، قضى جزءً من حياته في السجن، وعاصر فترة حساسة من تاريخ المسلمين. كنيته أبو إبراهيم وأبو الحسن، ومن ألقابه: الكاظم والعبد الصالح وباب الحوائج وسيد بغداد حياته العلمية كان عمر الإمام موسى بن جعفر 55 عاماً، قضى منها 20 عاماً في حياة والده جعفر الصادق و35 بعد وفاته. وقد عاش تلك الفترة في زمن أبيه وارتاد مدرسته العلمية الكبرى التي أنشأها في الكوفة، والتي خرّجت الآلاف من العلماء والفلاسفة والفقهاء والمحدثين، حتى قال الحسن الوشّاء عند مروره بمسجد الكوفة:«أدركت في هذا المسجد 900 شيخ كلهم يقول: “حدثني جعفر بن محمد”»، وأما منزل أبيه الصادق فكان أيضاً مدرسة علمية يرتادها كبار العلماء والفقهاء، قال محمد صادق نشأت :«كان بيت جعفر الصادق كالجامعة يزدان على الدوام بالعلماءالكبار في الحديث والتفسير والحكمة والكلام، فكان يحضر مجلس درسه في أغلب الأوقات ألفان، وفي بعض الأحيان أربعة آلاف من العلماء المشهورين . وقد ألّف تلاميذه من جميع الأحاديث والدروس التي كانوا يتلقّونها في مجلسه مجموعة من الكتب تعدّ بمثابة دائرة علميّة للمذهب الشيعي أو الجعفري.» وتربى الكاظم في هذا الجوّ العلمي المشحون بالمناظرات والنقاشات. فقد ذكر المحقق الأستاذ في كتابه (نزيل السجون )ماهو مخفي عن الأنظار لحياته سلام الله عليه قائلاً : لم يكن الإمام الكاظم (عليه السلام )سياسياً… بالسياسة الدنيوية ولم يكن قائداً عسكرياً كقادة الجهاز الحاكم الظالم ولم يكن مسؤولاً أو زعيماً لجناح مسلح… كعصابات السلب والنهب وسفك الدماء والإرهاب ولم يكن منتهزاً وصولياً عابداً للمناصب والواجهات… كالمنتفعين الوصوليين العملاء الأذلاء في كل زمان بالتأكيد فإنه لا يمثل جهة وحزباً معارضاً… كالأحزاب المتصارعة على الدنيا والمنافع الشخصية الخاصة . كان إماماً تقياً نقياً زاهداً عابداً ناسكاً مخلصاً عالماً عاملاً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، كان أماناً حجة شافعاً رحمة للعالمين .
إذن… لماذا هذا العداء والنصب والبغضاء ،… ولماذا التجسس والمراقبة والتضييق والمداهمة فالترويع والاعتقال فالحبس والسجن والطامورات مع أنواع العذاب ثم السم والقتل والشهادة…؟ نعم الحق معه والإمام الكاظم (عليه السلام) مع الحق وله انعقدت الولاية والسلطة التكوينية والتشريعية فهو الإمام والأمان والحجة والبرهان… لكن هل يلتفت رئيس الدولة المنحرف المنشغل بخموره ونسائه وقبحه وضلاله واضلاله…؟ كيف يلتفت إلى هذه الأمور الشرعية العقائدية خاصة وأن السيرة الذاتية والعامة للإمام (عليه السلام) كما بينا لا تثير الحاكم المخمور الظالم ولا تشكل عليه تهديداً وفق حساباته المادية السياسية والعسكرية والإعلامية والاجتماعية ؟ لا تستغرب هذا الطرح ، لنلفت أنفسنا إلى وقائع عبر التاريخ ونسأل من بقي مع الزهراء (عليها السلام) وأمير المؤمنين (عليه السلام) من المؤمنين المخلصين الصادقين، ستة أو ثمانية أو اثنا عشر أو أكثر من هذا بقليل ، وماذا يفعل هذا العدد والكم الهائل المطلق الذي انقاد للسقيفة ورموزها ؟ ومن نتائجها السب والشتم لأمير المؤمنين (عليه السلام) على منابر الأمة الإسلامية . ومن بقي مع الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، والمسألة أوضح وأجلى في واقعة الطف المروّعة ، َأَلم تُسفك دماء العترة الطاهرة وقائدها المقدس الإمام الحسين{صلوات الله وسلامه عليهم} وهم ثلة قليلة وقليلة وفي المقابل تحتفل (الأمة الإسلامية) بيوم النصر يوم الخليفة المخمور يوم العاشر من محرّم ؟!!
فقد تحمّل الإمام عليه السّلام من صنوف الإرهاب السياسيّ والفكريّ والعذاب النفسيّ والجسديّ ما لا تتحمّله الجبال الرواسي ، حيث واجه الإمام عليه السّلام كلّ تلكم المآسي التي تنهدّ لهولها الجبال، بعزمٍ ثابت وإرادةٍ لا تلين، وبتصميمٍ راسخ لا تزعزعه العواصف ولا تزيله القواصف، موطّناً نفسه على مواجهة وتحمّل كلّ الصعاب التي مارسها حكّام الجور ضدّه وضدّ العلويّين من آله، كما شمل ذلك العنت والعذاب أصحابَه البررة والموالين المنتسبين لمدرسة أهل البيت (عليهم السّلام (
يرد استفهامان: الأول: لماذا كانت ردود فعل الحكام الظالمين متشنجة وعنيفة ووحشية وقبيحة جداً؟ الثاني: لماذا لم يتم تصفية كل قضايا أئمة الحق{عليهم السلام} والقضاء عليها بصورة تامة ومطلقة زمانياً ومكانياً؟
انتهى كلام الأستاذ المحقق
فسلام عليك يا بن رسول الله،يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حياً