وآ أسفاه على سوء حظ من يعتقد أن الأمام علي (ع) ميشور بي للي يسوي مكسورة أسيء للناس,أن حلم علي وصبره وحكمته دفعت الكثير ممن يعيشون القصور الذاتي بأن يفسروا سكوته وتجاوزه عن سيئاتهم أنه ضعف وقلة حيلة ,وفي خطبة الجهاد عندما يتألم ممن كان حوله يقول: … وأفسدتم عليّ رأي بالخذلان والعصيان حتى قالت قريش ان ابن ابي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب ,ذلك لأن علي يريد إصلاح المجتمع دون سيف وعقاب صارم وأغلال وقيود وسلاسل توضع في رقبة المسيء ,الإصلاح من وجهة نظر سيد الحكماء يبدأ بإصلاح نفس الإنسان من شروره وحقده وأنانيته بعد مخاض وصراع بين الخير والشر في المكنونة بتركيبته وقول الباري {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} وليس ضعفاً وخوفاً منهم ,وهو سيف الله الضارب في أرضه,ويقول:{وَالله لأسَلِّمَنَّ ما سَلمَتْ أمُور المسلمين ،ولم يَكن جَورٌ إلاَّ عليَّ خاصة} فالعقوبة ليست حلاً في كل الأوقات فهنالك من جاء للإسلام عن طريق المال (المؤلفة قلوبهم ) لأن الإيمان غير مترسخ في فكره ولا يمتلك العقيدة فتقديم الأموال والغنائم هو الحال الأمثل لتحييدهم وكسب رأيهم كونهم مؤثرين في مجتمعهم ,وهنالك أشخاص لو أنزلت بحقهم أقسى العقوبات مزدادوا الا أيذاءاً ومكراً بعملهم واللحاق الأذى والسوء بطبيعة العمل المكلفين به ,لغرض إفشال مشروع الدائرة أو المؤسسة أو الكابينة الوزارية ,لإعطاء صورة ورسالة تبين أن القائد المعني غير جدير بإدارة دفة السلطة المترتبة عليه ,والقائد لديه كل الصلاحيات في أن يقومهم ويشذبهم نحو الطريق الصحيح ,فالانتظار والتريث منه بإصدار العقوبة هو باب من أبواب الشجاعة مثله مثل الكرم,بإعطاء فرصة لمراجعة الذات والوقوف على الخطأ ,كما أن الله ستار العيوب ويحب الستارين ,فتأثر القائد بمنهج علي,دفعه بأن يمارس سلوكه الفعلي على رعيته محاولاً أصلاحهم وترويضهم على ثقافة الصدق والإخلاص والوفاء بالعهد,وأحياء حجتهم الداخلية وهو الضمير بوصفه أقوى محاكم العالم فهو يراقب ويتابع ليرشد للهداية ,الذين ينظرون لهذه المواقف بنظرة الضعف والانتقاص لأن لديهم مشاكل جمة في تركيبتهم ,قد يعشقون التعامل معهم أسوة بالشخصية الماسوشية التي تتلذذ بالإهانة أو التحقير أو الإيذاء اللفظي أو البدني،أو أن لديهم سلوك منحرف كالشخصية السادية متمردين على أي واقع يفرض عليهم تعتريهم نشوة باستعذاب
إحداث الألم في الآخر,أتذكر جيداً كيف وقف لعلي احد الخوارج وقال له: “أنا لا أتابعك، ولا أبايعك، ولا اخرج معك في وقت، ولا أصلي معك جمعة ولا جماعة، فرد عليه الأمام : وأنا لا أضيرك مادام المسلمون منك في أمان , كان بمقدرته قطع لسانه ورأسه لم يفعل فهنالك فارق كبير بين الثرى والثريا, فمن يعتقدون أن (س,ص) من المسؤولين ليس باستطاعتهم تمشية الأمور وفق نصابها الصحيح هم مخطئين فالقانون والقوة معهم ,الآ أن علي عندما نفذ صبره لم يبقي منهم شيئا في حروبه التي خاضها وكان الكي هو آخر العلاج معهم ,لأن الشيطان قد استحوذ على عقولهم وقلوبهم وسلوكهم فأصبحوا عبيداً له ,منتزعين إنسانيتهم التي تميزوا بها سائر المخلوقات في الأرض ,