23 ديسمبر، 2024 10:18 ص

الأمام جعفر الصادق (ع) والمبادىء…هل ماتت ضمائر أتباعه اليوم …؟

الأمام جعفر الصادق (ع) والمبادىء…هل ماتت ضمائر أتباعه اليوم …؟

قرآنا تاريخ أهل البيت قراءة متأنية…لكننا لم نقرأ لمثل هذه الشخصية المبدئية العالمة من مثيل رغم وجود كل قيم المبادىء الحقة النادرة في أهل البيت الأخرين.
ولد الأمام جعفر الصادق (ع) من ابويين عربيين ومن البيت العلوي الكريم .ابوه محمد الباقر (ع) وريث جده زين العابدين في العلم والهداية ، وبيته مقراً لمن كان يريد ان يأخذ العلم الصحيح منه. عاصره الفقهاء سفيان الثوري وسفيان بن عيينة محدث مكة،وأبو حنيفة النعمان فقيه العراق ،وهو الذي دخل بمناظرة فقهية معه في القياس ، وخرج منتصرا في المحاورة ،لذا فقد اعترف كل من ناظره بأنه الحق الذي لا عوج فيه . وقد أوصى محمد الباقر ولده جعفر الصادق بوصية التزم بها دون تحريف حين قال له: “يا بني ما دخل امرىءشيء من الكبر الا نقص من عقله مثلما دخله” ,وقال له:” اياك والكسل والضجر من الناس،فأنهما مفتاح كل شر،انك ان كسلت لم تؤدِ حقاً، وان ضجرت لم تصب على حق،وقال له :اذا رأيت العالم يحب الأغنياء فهو صاحب دنيا،واذا رأيته يلزم السلطان من غير ضرورة فهو لص..فكن من اهل العلم والحق ولا تنحاز ، فموت عالم أحب الى أبليس من موت سبعين عابداً..

وقد روى الأمام الصادق عن أبيه محمد الباقر انه قال :” أوصاني أبي في خمسة لا اعاشرهم ولا اعاملهم ولا أصاحبهم في طريق أو دين وهم: الفاسق ،والبخيل ،والكذاب، والأحمق الخائن، وقاطع رحم، فهم اعداؤك واعداء الصالحين . هذا هو الامام محمد الباقر الذي أنجب شيخ العلماء واحق الناس وأأمنهم على الناس ، هو الامام جعفر الصادق الذي ما هادن حاكم ، ولا طمع في مال وسلطة،

فأين اليوم من يدعون بتبعيته من الفاسدين …؟

أمه المسماة أم فروه بنت أسماءبنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (رض)،جاءت من بيت علم وأيمان فقد اختار محمد الباقر عشيرته من أكرم التابعين . قال الشهرستاني في جعفرالصادق : “من جانب ابيه ينتسب الى شجرة النبوة ، ومن جانب أمه الى ابي بكر الصديق الذي صبر مع الرسول(ص) في محنته”. وقال فيه الأمام ابو حنيفة النعمان حين لازمته دخلتني الهيبة مالم تدخلني عند مقابلة الخليفة ابو جعفر المنصور،وقال فيه :والله انه أعلم الناس عندي بأختلاف الناس،فهو عالم أهل المدينة ، ومجتهد مستقل ، له منهاج قائم بذاته ، لا يتأثر الا بالحق، ومعرفته بأختلاف الفقهاء هي التي فتحت له عيون الفقه،

من يكن مثل هذا العالم الجليل،هل يصح ان نسمي من يدعون اتباعه اليوم بأصحاب جعفر الصادق ..؟.

جعفر الصادق لم يكن عالما في الفقه حسب ، لمعرفته بكلية علم القرآن وتآويله ، بل اجتهد في علم الكونيات متأثراً بالآية الكريمة : قل سيروا في الأرض فأنظروا كيف بدأ الخلق”. وخاصة علم الكيمياء وتتلمذ له جابر بن حيان،ورسائله في الكون والعقائد والكيمياء لا زالت مصدرا مهماً. كل علومه كانت تبحث في الوجود ووحدانية الله وقدرته في اعطاء العلم للناس أجمعين،لذا كان لا يتكابر ولا يتفاخر ولا يفضل نفسه على الاخرين . عاش في بيت متواصع حتى مات سنة 148 للهجرة،ولم يقبل ان يسكن قصرا منحه له ابو جعفر المنصور حتى لا يماري السلطان .

انظر قصور الظلمة في المنطقة الغبراء من يدعون اتباعه اليوم.

نسب اليه انه حامل (علم الجفر) لكنه نفى هذه الصفة عنه: كان لا ينكر علمه وعدالته وتواضعه الا من ينكره حسدا منه، لا يتجنى على الحقائق الثابتة التي لا مجال لانكارها. لذا نسبوا اليه علم الجفر وهو لم يقل به،وهو علم الغيب الذي اودعه الرسول (ص) في أهله ولا يكون هذا العلم بالتلقي والدراسة ، وهو علم الحروف الذي لا يعرفه احد غيره.لكن هذا العلم لم يعترف به الصادق ولا حتى جده رسول الله استنادا الى قول الحق تعالى :” لو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسني السوء”.

ان ما قاله الفقيه الكليني في علم الجفر فيه لم يثبته بدليل.

عاصر الأمام الصادق احداث السياسة فكان علما في الدفاع عن الحق فيها،حين رفض الخلافة من قيادة جيوش العباسيين سنة 132 للهجرة بعد سقوط الأمويين ،فرد طلب ابو سلمة الخلال في الكوفة قائلا له: ومن قال انتم من شيعتنا،فأخذ كتاب التكليف واحرقه على مشكاة كانت بجانبة قائلأ : نحن اهل البيت لا نطلب سلطة ،بل نحنا جئنا لنكون مراقبين على تطبيق الاستقامة في حكم الناس – هكذا كانت وصية جدي رسول الله – فأردفه ببيت من الشعر قال فيه :

يا موقدا نارا لغيرك ضوءها ويا حاطبا قي غير حبلك تحطب

2

فكان ترحيب العباسيين بهذا التوجه كبيرا لحبهم في قيادة السلطة حتى قال فيه احد قادة العباسيين : “ان هذا الامام أجل من ان يوصف ،انظر المسعودي في مروج الذهب ج2 ص162 وما بعدها.

والى هذا الموقف المبدئي كان الامام رجلاً عالماً تقياً منصرفا الى العلم والدراسة والرواية ،موقناً بأنه لا يصلح لآل علي ان يدخلوا في السياسة في ذلك العصر المضطرب لانهم هم والمصالح الشخصية على افتراق. وبالفعل اقام في المدينة المنورة محيطا نفسه بأهل العلم والمعرفة والحق أمثال محمدبن أسحق المطلبي واضع السيرة النبوية المشهورة.

فأين أتباعه المدعون به اليوم من حكم السلطة …؟

[email protected]