الأخذ شيمة الأقوياء والعطاء شيمة الضعفاء , فالأقوياء يأخذون ويأخذون بشراهة وإفتراسية مطلقة فالأخذ يزيد الأقوياء قوة والعطاء يزيد الضعفاء ضعفا.
وهذا ما يحصل في الواقع التصارعي ما بين القوى الأرضية والأمثلة متكررة عديدة لا تحصى , والأدلة واضحة , فالمجتمعات المتأخرة يستنزفها العطاء , فهي لا تملك القدرة على إيقاف نزيفها ومنع تدفق رحيق الحياة من عروقها , والأقوياء يمتصونها مصا قاسيا.
ومجتمعاتنا المبتلاة بالنفط تجيد الهدر المفتوح لعائداته المأخوذة منها مسبقا , من قبل الأقوياء ببرامج ومشاريع تدميرية تستثمر بالأخذ الذي لا يعرف الحدود , وهي تعطي وتعطي حتى تتهالك وتتهاوى وتدوسها سنابك الأقوياء بعد مسيرة إنهاك مروعة.
فالحروب الدائرة في مجتمعات الدول الثرية غايتها الأساسية هو الأخذ , أو سرقة الثروات والإستثمار في بيع ما يدمرها ويؤهلها لمزيد من العطاء , وتحقيق تجفيف عروقها وإسقاطها على قارعة دروب الويلات والتداعيات التصارعية.
فهذه المجتمعات تشتري الأسلحة والأعتدة بشراهة غير مسبوقة , وتساهم بدمارات فائقة وإستنزافات دافقة تؤثر على قدرات وعيها وتبصرها وحكمتها , وترمي بها على شفا حفر الوعيد والرعب , مما يؤدي إلى تحقيق ردود الأفعال الإنعكاسية اللازمة لتمرير الخطط والمشاريع (الأخذوية) من الأخذ الأخاذة.
وهكذا فأن المجتمعات الحلوبة تتدحرج إلى وديان الضعف والخسران , والأقوياء يدفعونها ويفترسونها بإرادة تعبوية صالحة لتوفير المسوغات الكثيرة للأخذ الفتاك.
ولا يمكن لمجتمعات مدرارة مهدارة أن تتواصل في العطاء , لأن النضوب سيكون حتميا والمصير قاتما ومأساويا , فهي لا تعرف آليات الأخذ ومأسورة بآليات العطاء المجردة من الرحمة والرأفة , فهي إرادات متوحشة متأسدة تحسب الهدف فريسة شهية عليها أن تأكله حتى نخاع العظم!!
فهل أدركنا كيف يتحقق التوازن بمعادلة الأخذ والعطاء؟!!