18 ديسمبر، 2024 11:41 م

“لنا سِفرٌ يُعلِّمُنا التَسامي…ويَرْفِدُنا بأسبابِ التَنامي”
نقرأ ونسمع كثيرا في المواقع ومحطات البث المرئي المتنوعة , ما يشير ويكرر أن تأريخنا دموي متوحش , وينطلق أصحاب هذه التصورات من زوايا ضيقة , ومن حفر وأنفاق لا يرون فيها شيئا , وإنما يتصورون ويتوهمون ويهذربون.
وهم أيا كانت مستوياتهم وعناوينهم , يعيشون أمية تأريخية فادحة , وغفلة فاضحة , فلا يقرأون عن تأريخ الأمم والشعوب التي عاصرت ما يشيرون إليه , ويتخذونه دليلا على هذياناتهم وطروحاتهم العبثية.
فتأريخ الأمم والشعوب فيه الصالح والطالح , الطيب والخبيث , الإنساني والتوحشي , وكل حالة مرهونة بزمنها , وبعناصرها المكانية الفاعلة فيها.
فالذين يتمنطقون بدموية ووحشية تأريخ الأمة , إنما ينطلقون من جهل مدقع , وإنحراف في الرؤى والتصورات , ويعتمدون على إفتراءات ومرويات تريد تعزيز وتطوير سلوكيات النيل من أمة العرب.
فالبشرية تعيش عصر المعارف والعلوم الواضحة , وتتخذ من الواقعية والعلمية والموضوعية منهجا في التعامل مع الحوادث بأنواعها.
أما الذين يختصرون تأريخ الأمة بالدموية وحسب , فهم من ألد أعدائها , حتى ما يسمى بإجتماع السقيفة بعد وفاة النبي , كان من أرقى التفاعلات الإنسانية وفقا لمعطيات عصره , فلا يوجد في التأريخ البشر أن حسم موضوع بهذا الحجم والخطورة في إجتماع واحد , ربما إستمر لأقل من بضعة ساعات.
تخيلوا لو أن أمة غير العرب واجهت ذات الموقف آنذاك , فماذا سيحصل؟
إنها لدخلت في متوالية هندسية من الصراعات الدامية المروعة , لكن أمة العرب حسمت الموقف بأروع ما يكون.
ولست معنيا بالرأي فيما جرى , ولكن بالنتائج التي حافظت على الدولة والدين , برغم ما إعتراها من تفاعلات وإدعاءات وغيرها من المواقف والمناظرات.
هذا مثل كبير وحاسم , وهناك العديد من الأمثلة , الساطعة التي تشير إلى أن ما جرى في مسيرة أمة العرب أقل دموية ووحشية مما كان يجري في أمم الدنيا التي كانت تعاصرها.
فالقراءة العلمية الموضوعية للتأريخ عليها أن تكون منصفة وتقيس الأحداث بزمانها ومكانها , لا أن تراها بعيون العصر الذي نحن فيه.
ومن السلوكيات المريبة أن الساحة الثقافية والإعلامية تعج بما هو سلبي وتأبى ما هو إيجابي.
ولا بد من التساؤل لماذا؟
هل للإمعان في تخميد وترقيد أمة العرب؟
هل لدفع العرب للنيل من بعضهم؟
هل هي سياسات لإفتراس أمة العرب؟
ولماذا المفكرون في غفلتهم يعمهون؟!!