تركيبة العقل البشري معقدة جداً، فهذا الأسفنجي يتحكم بكل الأختلاجات والمشاعر والأفكار الأنسانية، سواء أكانت تخدم المجتمع الحياتي أو تضره.
الأهم أنه يفرز الهرمونات التي تعمل على إنتاج تلك الأفكار، المفيدة أو مهلكة للبشرية، لكنها تبقى مجرد أفكار إلى حين تطبيقها.
يدعى له في النظم الديمقراطية هو الايمان بمشروع ما.. فغالبية الأحزاب والتيارات في مختلف بقاع الأرض، تعتمد على نشر مشروعها لكي تؤمن به العقول الأسفنجية، وتتبع كل ما يصدر منه، لكن قبل أن نشرع بفهمه، يجب أن نعرف الشيء الذي يجعل الأحزاب، مستمره في الحياة داخل شوارع وأرصفة العقول البشرية، رغم أختلاف طبائعها وذلك الشيء هو الفكر..
المشروع هو وعاء يحمل الأفكار لتصل لكافة أدراج العقول وتستقر بها، ولكن أسرع طريقة لإيصالها هو الإعلام(المرئي، المسموع، المكتوب) ومع تطور التكنلوجيا أصبح من السهل أن تصل أفكارك لمختلف المجتمعات البشرية، عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي، وذكاء بعض السياسين وتوافق الوقت معهم، جعلهم يزرعون الأفكار في عقول الناس، بالصورة التي تجعلها تنمو بقوة ولا تموت!
العراق هو معقل حياة وأندثار مختلف الأحزاب والحكام السياسين، لكن هناك بعض الأحزاب مازالت تشغل حيزاً فكريا في شوارع المجتمع العراقي، وتنقسم أحزاب اليوم السياسية إلى أربعة أقسام :
الأحزاب الإسلامية، هي التي يكون محورها ومرتكزها الأفكار الدينية، سواء كانت حقاً إسلامية أم متأسلمة من أجل السلطة، كالحزب الذي حكم آخر خمسة عشر عام.
الأحزاب المدنية، وهي التي تتمحور فكرتها حول التمدن البشري، وضرورة تجرد الدين عن السياسة، فهي مستمره في القتال، من أجل أن يكون لها حيز أكبر، داخل أروقة البرلمان العراقي.
الحزب الشيوعي، حزب ذو أصول أوربية روسية، يحاول أن يحيا في بلاد العرب، دخيل أكثر من كونه وليد، حاز عدة مقاعد في البرلمان الجديد بذكاء الأغبياء.
حزب البعث العربي، أكثر الأحزاب حكما للعراق، أستمر قرابة الخمسون عام، وأكثرها أزدهارا حزبيا هي فترة حكم الدكتاتور صدام، الذي أنتشر في أرصفة العقول بإسم القومية العربية، لكنه عمل على مأسسة لأستمرار فكرة البعث، ليكون ذو فكر عميق داخل أوردة الدماغ البشري للمنتمين لذلك الحزب.
ما يحدث اليوم من بروز شخصيات متلونه بصبغة البعث، مثل بعض الكتاب المتغنين بصدام وحكمه، وبعض الشعراء المتصدعين بدواوين الصدفة الشيوعية، هو دليل على أن الأفكار تزرع ولا تموت.
النار تقتل النار، وأكثر مايقتل اليوم هم صناع القرار، الذين ولدوا نتيجة الصدفه العمياء ومال الأجراء، ليدافعوا بصورة متلونه عن أفكار الخبثاء، للأحزاب الجرداء، كالبعث والطاغية صدام البلاء، كل هذا كان سهل لهم، فهم خاطبوا عقول الشباب المتصحرة من علم السياسة وفكر المنطق السليم، ليصنعوا شخصا واحدا يقود المئات بالأفكار المسمومة، ليتجهوا بالبلاد إلى هاوية الموت.
متى سنأخذ على عاتقنا نحن الشباب أن نقتل أفكار الفساد، بأفكارنا المزدهرة، لنضيء درب العراق، ونخرج بشبابنا من مستنقع الجهل، وتبعية الإعلام العمياء؟ فالأفكار لا تقتل سوى بالأفكار.