23 ديسمبر، 2024 12:47 ص

الأغلبية السياسية الوطنية.. لا بد منها ولكن بشرطها وشروطها!

الأغلبية السياسية الوطنية.. لا بد منها ولكن بشرطها وشروطها!

العملية السياسية في العراق، بنيت بإسلوب الخوف من الشريك الأخر، أو فكر البعض على إستكثار وجود العراقي ، داخل المنظومة الحكومية وسلطاتها، بين هذه الأمزجة السياسية المتضاربة والمتصارعة، برز الأنا الحزبي، ليكون الغالب على المشهد السياسي العراقي، تلك التوجهات الفئوية غيبت الأنا الوطني، بين الفرقاء السياسيين، فبدأت الأحزاب تبحث عن بناء سلطاتها، وتقوية سطوتها النفوذية، فغاب مشروع الدولة، وعطل أثر النظام البرلماني، الذي من نتاجه الطبيعي، أن نشهد وجود حكومة حقيقية واضحة المعالم، تقابلها معارضة تراقب أداء الحكومة التنفيذية، لذلك كان كل البرلمان حكومة، وبنفس الوقت كله معارضة، وهنا تغلبت العلوية التوافقية، على العلوية الدستورية.

أن الذي يشاع في الشارع العراقي، ومن فترة ليست بقليلة، إن سبب ذلك التدهور هو الدستور العراقي، وهذا طرح مسموم، وهو لم يكن محض صدفة، بل تقف وراءه دول ومؤسسات، لطالما حاولت أن تعبث بمصير العراقيين، نعم هنالك هفوات في الدستور العراقي، فهالطيف و ليس بكتاب سماوي، وإن كانت كثير من الكتب السماوية حرفت، بسبب شرور الإنسان، ولكن الدستور العراقي بمجموعه، يعتبر من أرقى دساتير المنطقة، ففيه المواد التي تتيح حرية الرأي، وتلزم الحكومة بتهيئة عيش أمن، لكل مواطن عراقي دون تمايز، وألزم الحكومة بتوفير فرص عمل، والأجمل في الدستور العراقي، المادة 127 منه، بينت بأنه لايجوز للرئاسات الثلاثة، وكل الوزراء والبرلمانيون وأصحاب الدرجات الخاصة، الإستئثار بالمال العام بأي طريقة، ولكن العلة في التطبيق.

فالشارع العراقي لا سيما المفكرون فيه، عليهم أن يدركوا شيء مهم، أن مشكلة النظام السياسي في العراق برلماني، وإن هذا النظام من أروع الأنظمة السياسية في العالم، على الأقل في العصر الحديث، فمن خلاله لو طبق بصورته الحقيقة ، وليست الشكلية المعمول بها الأن في العراق، فأن المواطن هو من يفوض، ويسمح من يكون في الحكومة، كل أربعة سنوات، ولو فعل بصورته الحقيقية، فإن الحكومة التنفيذية سوف تكون تحت مراقبة البرلمان، فاذا لم تجتهد وتعمل بإخلاص، فإنها سوف تكون تحت طائلة المسائلة وربما القضاء، وإنها لن تحظى بثقة الشعب، وهنا تنجح المعارضة وتفوز، لتشكل حكومة جديدة، وضمن هذه الحالة التنافسية، سوف تزدهر الدولة، وينعم المواطن بعيش رغيد.

إذن أين المشكلة؟ أكيد الدستور هو النظرية، والسلطات الثالث هي الإجراء والتطبيق، والمعضلة تكمن في التطبيق، وحتى نعيب النظام البرلماني، لا بد من تطبيقه بصورته الصحيحة، أي يجب أن تكون هنالك أغلبية سياسية وطنية، عابرة للمكونات، أي نحصل على كتلة برلمانية، تضم كل الطيف العراقي، وذات أغلبية تمكنها من تشكيل حكومة، فهذه الأغلبية البرلمانية توفر غطاء للحكومة التنفيذية، لتشريع القوانين التي تخدم عمل الحكومة التنفيذية، بنفس الوقت تنهض المعارضة، التي سوف تفعل الدور الرقابي، الذي عطل بشكل شبه تام، نتيجة التوافق داخل البرلمان طيلة السنوات الماضية، وهنا نكون قد فعلنا الدور التشريعي والرقابي للبرلمان، وبالتالي لا تبقى حجة للحكومة التنفيذية، من أداء واجبها بالصورة المثلى.

كيف نصل للأغلبية السياسية الوطنية؟ لاشك إن أصل العملية الديمقراطية، قائم على العملية الإنتخابية، ولكي تنضج هذه الفعالية بصورة صحيحة، لا بد من وجود عاملين مهمين، لنحصل على عملية إنتخابية نزيهة وبنسبة75%، وذلك من خلال وجود مفوضية إنتخابات مهنية وكفوءة، تتجاوز الإجراءات البيروقراطية الإجرائية، من خلال الإعتماد على المكننة التكنلوجية، في عد وفرز الأصوات، لأجل تحقيق غرضين هما الدقة والسرعة، في عرض النتائج، والعامل الثاني هو قانون الإنتخابات، فالقانون بهذه الشاكلة، يرسخ الحالة الحزبية، وغيب الحالة الوطنية، بتوضيح أكثر يعطي للحزب والتيار السطوة على المرشح، على قول المثل العراقي( تريد أرنب أخذ أرنب، تريد غزال أخذ أرنب)، وقد لا حظنا إن أكثر من ثلاثة أرباع البرلمان الحالي والسابق، لم يصلوا ربع قيمة العتبة الإنتخابية، ولكن قوائمهم تدعمهم من خلال الفائض في الأصوات.

والأهم من ذلك كله، حتى يثبت لنا الساسة، حسن نيتهم للذين ينادون، بوجوب بروز كتلة أغلبية وطنية، لا بد أن نرى ذلك، من خلال إئتلافات إنتخابية، قبل حصول الإنتخابات وليس بعدها، لماذا؟ وما الفائدة من ذلك،لأن ذلك يجبر الكتلة المؤتلفة، على دراسة طريقة تشكيل الحكومة القادمة، وطريقة توزيع الأدوار والمناصب، بين المكونات السياسية للكتلة المؤتلفة، قبل حدوث الإنتخابات، بطريقة النسب الرياضية، وهذا يعجل بتشكيل الحكومة بسرعة كبيرة، بعد ظهور نتائج الإنتخابات مباشرة، وهذه العملية تحتاج إلى إيثار، خصوصا” من الكتل السياسية الكبيرة، ولكن ذلك يعتبر مقدمة لتبريز الأنا الوطني، الذي غيب طويلا” من قبل الأنا الحزبي، هذه خارطة الطريق التي يمكن أن تصنع أغلبية سياسية وطنيةعابرة.