18 نوفمبر، 2024 1:34 ص
Search
Close this search box.

الأعضاء التسعة لهيئة الانتخابات ومخالفة المبادئ الديمقراطية

الأعضاء التسعة لهيئة الانتخابات ومخالفة المبادئ الديمقراطية

كان عدم الاخذ بانتخاب خمسة عشر عضوا للمفوضية المستقلة للانتخابات وان يكونوا مستقلين ومحايدين توجها مخالفا للثوابت الديمقراطية وقد نجم ذلك عن محاولة بعض الاحزاب الكبيرة بالهيمنة على تلك المفوضية وسيؤدي مثل هذا التوجه الى الاضرار بقطاعات واسعة من الشعب العراقي ويعبر هذا الاسلوب عن توجه خطير وانحراف عن المسلك الذي رسمه الدستور فيبدو ان السياسيين في هذا البلد لم يكفهم ما ورطوا به العراقيين بحكومة ما يسمونه بالمشاركة الوطنية والتي لم يتضمنها نص الدستور ونجمت عنها المحاصصة المقيتة لا بل نجم عنها أيضا جميع الازمات التي المت بالعراق منذ اول الانتخابات ولحد الان ولم يكفهم ذلك فوزعوا اعضاء تلك المفوضية فيما بينهم مع ان اسمها في الدستور (بالمستقلة) وهذا يعني وزعوا قطاعات الشعب بثلاثة مناطق ولكل منطقة اعضاء للكتلة المسيطرة فيها لتكريس الطائفية والاثنية والابتعاد تدريجيا عن النهج الليبرالي الديمقراطي ولم يكن اولئك الاعضاء التسعة محايدين او مستقلين وانما وجدوا ليحفظوا مصلحة الطائفة او القومية التي ينتمون لها مما سيضر حتما بقطاعات واقليات هامة من هذا الشعب كالعنصر النسوي والاحزاب الصغيرة والتوجهات الجديدة لتشكيلات لبرالية وثقافية وكذلك المستقلون وهذا التوجه يهدف الى ديمومة بقاء السلطة بحوزة تلك الكتل واستمرار المحاصصة واذا ارادوا ذلك لم تجر تلك الانتخابات فبإمكانهم ان يحددوا عدد الاعضاء واسمائهم ووفق النسبة السكانية التي  يريدونها في المنطقة التي يسيطرون عليها ويتناسب وجودهم مع العدد السكاني للمنطقة ولا يطلقون عليها انتخابات نيابية لإيهام الشعب العراقي والمنظمات الدولية حيث لم يمثل من خلال قلة عدد اعضاء تلك الهيئة الاقليات والعنصر النسوي وعندما نأخذ بالأنظمة الانتخابية في الدول المجاورة وحتى ذات الفكر الشمولي فيها نجد مجمل الاقليات ممثلة في تلك المجالس وعندما تتوفر حسن النية لدى اولئك الساسة لتم اختيار تلك الهيئة من اناس ذوي خبرة ومستقلون ولهم ماض مشهود في الحياد والاستقامة والعلمية في مجال اختصاصاتهم ولا يهم عند ذلك من ان يكونوا من أي طائفة او قومية ويذكرنا تصرف الساسة الان بفترات مرت بالعراق سيما اواخر الحقبة الملكية حيث صناديق الاقتراع لا زالت مفتوحة والناس متجمهرين للأدلاء بأصواتهم في حين اذاعة بغداد تعطي اسماء النواب الذين تسميهم بالفائزين عن تلك المنطقة قبل انتهاء الانتخابات وغلق الصناديق وتدقيقها  اما تحديد عضو واحد يمثل جميع الاقليات فهو الخديعة بعينها كما ان العنصر النسوي الذي كفل الدستور النافذ تمثيله وبنسبة محددة فهو جراء تحديد اعضاء المفوضية التسعة فقط وكونهم غير مستقلين هو الضير بعينه الذي يصيب هذا القطاع الواسع حيث ان المرأة هي نصف المجتمع ولولا حالة التخلف التي يعاني منها مجتمعنا لما بقي القطاع النسوي وفق النسبة التي حددها الدستور النافذ وانما سيصل اعداد من يمثلها من النواب الى نصف الاعضاء او اكثر فالدستور المذكور قد فرض هذه النسبة وفي السنوات الاخيرة يلاحظ المتتبع بأن هناك التفاف مقصود في الانتقاص من ذلك الحق في بعض مجالس المحافظات وحتى في مجلس النواب حيث عندما تنافس المرأة الرجل ومع ان ما كسبته من اصوات يصل الى ضعف ما كسبه الرجل وبالطرق الغير دستورية يصعد ذلك الرجل محل تلك المرأة في حين نجد في البلدان المتطورة تأخذ المرأة دورها بما يناسب حجم العدد السكاني وكان المقترحان اللذين طرحا في مجلس النواب بانتخاب خمسة عشر عضوا بدلا من تسعة كأعضاء في الهيئة المذكورة يحملان قصدا واضحا لكل حالة مع الاخذ بنظر الاعتبار ان يكون اعضاء المفوضية وفي الحالتين من المستقلين ولا علاقة لهم بالكتل السياسية جميعها فأصحاب (الخمسة عشر) تمكن المجلس من اختيار من يمثل النساء والاقليات وبشكل كامل اما التشبث بتسعة اعضاء فهو يكفل وكما ذكرنا حصر ذلك الامتياز لا بل والهيمنة على كيفية اجراء تلك الانتخابات تحت ايادي كتل كبيرة بعينها واسلوب التعامل مع مشاريع القوانين والتصويت عليها اسلوب معيب ويدلل على ما ذهبنا اليه ونراه يتكرر في كل اجتماع للمجلس النيابي حيث تعرقل القوانين التي فيها مصلحة الشعب من قبل بعض النواب لمجرد ان تلك المشاريع تصب في تلك المصلحة ويفسرها اولئك النواب على انها تعتبر مكسب للحكومة وسبب ذلك هو عدم الفصل بين ما هو يحقق مصلحة هذا الشعب وبين الغايات السياسية والتوجه نحو الحد من اشتراك المرأة في العمل السياسي ويعتبر ذلك اخطر ما تتعرض له الانظمة الديمقراطية في اغلب دول العالم الثالث ففي بعض تلك الدول وصلت المرأة لتتولى رئاسة الدولة او الحكومة كما حصل ويحصل حاليا في سيريلانكا والهند وباكستان والفلبين اما التوجه الرجعي ضد المرأة بدأت ملامحه الان في بعض الدول الخليجية المجاورة للعراق لمحاولة منع صعودها لمجلس النواب ووصل الوضع لدى بعض النواب في الكويت مثلا بعدم ترشيحها اصلا ويبدو ان هذا التوجه اخذ يزداد لدينا في الفترة الاخيرة ويعتبر بمثابة بادرة خطرة كما ذكرنا لأنها تعطي ظهر المجن للمبادئ الديمقراطية وان مجلس النواب غير متفضل لفسح المجال للمرأة في العراق ان تأخذ دورها كممثلة للشعب حيث اثبتت قدرة فائقة في تولي المهام الحكومية والثقافية في حقبة الزعيم (عبد الكريم قاسم) و في الحقب الملكية واللاحقة أيضا ولعبت المرأة العراقية دورا هاما في مسيرة المجتمع بقدرات يقصر كثير من الرجال بالوصول اليها وتأثر المرأة في الترشيح في مجالس المحافظات واضح جدا وبالتالي يحق لمن اصابهم الغبن جراء هذا التوجه باختيار اعضاء المفوضية المستقلة للانتخابات بأن يلجوا ابواب القضاء وتحديدا المحكمة الاتحادية التي تضمن حق الاقليات والعنصر النسوي وكذلك من تبنى تلك الزيادة في العضوية وهم ائتلاف دولة القانون ان يطلبوا ما يضمن تلك الحقوق بزيادة عدد الاعضاء في تلك الهيئة وان يكونوا من المستقلين ويلاحظ ان من يتبنى تقليص العدد لتك الهيئة هم احزاب دينية وقومية كانت وراء ذلك التحجيم ويرى اغلب المحللين ان ما يدفع تلك الاحزاب بهذا الاتجاه هي بغية تقاسم المقاعد في البرلمان فيما بينها وسهولة التسلط على تلك الهيئة خصوصا ان اولئك الاعضاء قد انتخبوا وفق اسلوب المحاصصة مع ان الدستور ومتطلبات ترسيخ الفكر الديمقراطي يكون هؤلاء من المستقلين كما ذكرنا وعندما يتطلب وقوف الاحزاب بوجه بعضها البعض تجد ومن باب النفاق الدفاع عن ما يسمونه بحقوق الاقليات والمرأة فكيف يقبل المنطق والانصاف ان تلك الاقليات والتي لا يستهان بعددها ان تمثل بعضو واحد يتم اختياره عن الاخوة التوركمان وللأسف ان توجه بعض الاحزاب واعطائها تبريرا مقنعا ومقبول بزيادة اعضاء عدد المفوضية المذكورة لضمان تمثيل قطاع واسع من تلك الاقليات كما حصل ذلك من ائتلاف دولة القانون وكتلة التغيير نجد ودونما وجل التقول من قبل الاحزاب الاخرى بأن ذلك الطلب هو لضمان مصلحة هذه الكتلة او تلك في حين ان الواقع يعكس غير ذلك كما ذكرنا .
[email protected]

أحدث المقالات